Skip to main content

Full text of "الزعيم الجاسوس حقيقة الجاسوس جمال عبد الناصر"

See other formats


أحمد جمال عبد المنعم 


يوسف صديق 


حقيقة ثورة يولسو 


أحمد جمال عبد المنعم 


علد 
دارالمعارف 
تأسست 185٠‏ 


للمزيد من الكتب 
.05/1510 01.0001 0اع20]. الالالالانا//: 5 مما 


لقراءة مقالات فى التاريخ 
011510 0ع ]. الالالالانا//: 5 ]صا 


.1.0050 -15106//: ىماما 


معطت 
ذارا المعارف 


تاسست هه 


رئيس مجلس الإدارة 


د. حسن أبو طالب 


المؤلف: أحمد جمال عبد النعم 
رقم الإيداع بدار الكتب: 
ه/ا؟ / ٠٠١‏ اسم 

القاهرة: الطبعة الاولى ٠١١54‏ 


تم التنفيذ فى مطابع دار المعارف لا يجوز استنساخ أى جزء من هذا الكتاب بأى طريقة 
كانت إلا بعد الحصول على تصريح كتابى من دار المعارف 
١١١4 -‏ كورنيش النيل - القاهرة - 


جمهورية مصر العربية 


الناشر : دار المعارف - 11131 كورنيش النيل - القاهرة جح م.ع. 
هاتف: /17٠0197/7؟‏ - فاكس: 70145399 122221:61©105©.116].68 :18-1233311 


إهداء 


إلى روح البطل يوسف صديق 
وإلى كل وطنى شريف عاشق تراب مصر 
أحمد جمال 


تقديم 


(بقلم سهير يوسف صديق) 

هذا الكتاب الذى أعده الأستاذ«أحمد جمال» عن الدور العظيم 
الذى قام به البطل «يوسف صديق؛ ليلة "5 يوليو سنة 67م 
والذى فجّر الثورة فى مصر وألغى الحكم الملكى الفاسد. اعتبر 
هذا الجهد الذى بذله هذا الكاتب وهو أحد أبناء مديئة الواسطى 
الذين تأثروا بشخصية البطل ويوسف صديق» وشرع يكتب عن 
دوره فى تغيير تاريخ مصر الحديث لمسة وفاء وعرفان. لقد بذل 
الكاتب الجهد الكبير الرائع فى البحث والتنقيب فى أوراق 
«يوسف صديق)» ومعظم الكتب التى صدرت عن تاريخه وبطولاته 
والكثير مما كتب عنه فى الصحف والمجلات المصرية والعربية. 

ولقد لفت نظرى القصائد التى اختارها الكاتب من ديوان 
(ضعوا الأقلام) الذى صدر عن (الأهرام) مثل قصيدة (رسول 
الغرب) التى يتحدث فيها عن زيارة «منزيس» للقاهرة وكيف أنه 
أعطاه درساً فى احترام وتقديس البلد الذى يقوم بزيارته واصفا 
مصر بالعرين الذى يبهر من يزوره. 

ومن القصائد الأخرى التى اختارها الكاتب قصيدة (استقبال 


55 ك5كك كك دم 


الصديق). وهو اينى يوسف صديق الذى ولد أثناء وجود أبى 
بالسجن الحربى وزوجى الأستاذ «محمود توفيق» بسجن القناطر 
متمنياً لحفيده حياة أسعد وأجمل من الحياة التى جاءها عند 
مولده. 
وفق الله الكاتب ليواصل دراسته عن الحق والعدل والديمقراطية. 
بقلم: سهير يوسف صديق 
سه 


لاذا كتبت عن يوسف صديق ؟ 

بقادة.: لم أكن أتوقع أن أكتب فى يوم من الأيام عن أى 
شخصية تاريخية أو سياسية وخصوصا الشخصيات السياسية 
وذلك يسبب كونها غالبا ما يشوبها الغموض وتحيطها الأسرار 
وهو ما يتطلب من الكاتب أن يكون ملازما أو على الأقل قريبا من 
الشخصية ولكننى وجدت هذه الشخصية قريبة منى بل ملازمة 
لى روحياً. فربما هو قرب روحى طبعه داخلنا ذات النيل الذى 
عشنا بجواره فى بلدة الواسطى. فها أنا أجده فى مذكرات محمد 
نجيب مظلوما مهضوم الحق على الرغم من دوره البطولى الذى 
أنكره المأرخون» وها أنا أراه مرة أخرى فى مذكرات خالد محيى 
الدين وكأنه يشاور علىّ وينادينى باسمى. وهاهى ذى المرة الثالثة 
-التى قررت فيها أن أكتب هذا الكتاب - حيث وقفت أمام 
اللوحة المعدنية المكتوب عليها «شارع البطل يوسف صديق» وأنا 
أحدق فيها وبدأ الاسم يهتز أمامى وكأنه يريد أن يخاطبنى ويحكى 
لى عن نفسه أكثر وأكثر ويطلب منى أن أكتب عنه وعن دوره فى 
تغيير تاريخ مصر الحديث وبدأت رحلة البحث والتنقيب.. 

وفى إيجاز سريع كانت الأسباب التى دفعتنى للكتابة عن 
البطل «يوسف صديق؛ ما يلى: 


أولا: التهميش والإهمال التاريخى الذى تعرض له البطا 
«يوسف صديق» هو ورفاقه المخلصين من هذا الوطن بعد ثور 
7 يوليو .١107‏ وهذا ليس بخفى على أحد وقد كان «يوسف 
صديق» هو أول سلسلة هذا التهميش ثم دارت الدائرة على البقي 
الخلصة وهذا ما نلحظه فى غيابهم من كل كتب التاريخ المدرسو 
وغيرها من الكتب الرسمية الخالية من أسمائهم. ويؤكد عليا 
خلو المتحف الحربى من تمثال ليوسف صديق مع أعضاء مجلير 
قيادة الثورة فى إنكار واضح وصريح لحقيقة تاريخية لا ينكره 
إلا جاحد حتى قيام أولاده برفع دعوة قضائية أمام المحاكم وقد 
استجيبيت دعوتهم وتم عمل تمثال للبطل بالمتحف الحربى. 

أيضا يدلل على هذا التهميش قصة الكاتب «حلمى سلام» 
فى مجلة صباح الخير العدد ١447‏ يوم 4 أغسطس سنة ١984‏ 
الذى التقط صورة جماعية لمجلس قيادة الثورة ليضعها فى مجلة 
المصور كهدية مع عدد فبراير ١987‏ فإذا ب «عبد الناصر» يتصل 
به ليلغى وضع الصورة وعندما سأله لماذا؟ أخبره عبد الناصر بأن 
هناك أناس سوف يختفون من المشهد ولا نريد أن يتعلق الناس 
بهم ثم بعد ذلك لا يجدونهم بيننا فيشعرون بالاختلاف والانقسام 
الحادث بينناء وعندما سأله الصحفى عن أسماء هؤلاء الذين 


وف يختفون من المشهد فكان من بين الأسماء «يوسف صديق» 
هذه القصة وقبلها الدعوى القضائية تؤكدان هذا السبب الرئيسى 
ذى دفعنى لكتاية هذه الكلمات لعلى أزيل بها بعض الغموض 
أقدم للقارئ مادة تاريخية موجزة ومبسطة عن حياة بطل سطر 
دمه جزءا من تاريخ مصر الحديئة.. 

ثانيا: الحس الأديى العالى لدى «يوسف صديق» والظاهر فى 
شعره الذى جمع بعد وفاته فى ديوان «ضعوا الأقلام» وهذه حقيقة 
أدبية أخرى غائية فى حياة «يوسف صديق» لم يعرفها الكثير 
وكونى محيًا للأدب بصفة عامة وللون الشعرى بصفة خاصة أردت 
أن أظهر هذا الجانب المضىء فى حياة البطل «يوسف صديق» 
الذى كتب قصائده بمداد من دمه على سطور الشجاعة والتضحية 
فى صفحات التاريخ الملصرى. 

ثالثا: أثناء قراءتى لثورة ؟يوليو وماتلاها من أحداث تيقنت 
حقا أن هذا التاريخ يعيد نفسه فليس الفارق بكبير من ثورة 
#"ايوليو 1485 إلى ثورة 5؟يناير ٠١1١‏ فها هى ذى نفس الأزمات 
ونفس الإضرابات ونفس القضايا المثارة حول الدستور والأحزاب 
والحكومة وعلى الجانب الآخر ألمح «يوسف صديق» وهو يعيش 
بيننا ليقدم حلوله الديمقراطية والمدنية والتى ستظهر فيما بعد من 


ا ا 2 م ه ] 


مطالبته بتشكيل حكومة ائتلافيية من الوقد والإخوا. 
والشيوعيين ثم مطالبته بعدم حل الدستور والحفاظ على الشرعي 
بل ومطالبته بترك الجيش للحياة السياسية وعودته السريعة إلى 
ثكناته للحفاظ على مدنية الدولة وهذا ماسنلحظه فى الفصول 
الآتية من الكتاب وهذا السبب يعطينا الدرس والعيرة فى المراحل 
الآتية عقب ثورة 5؟ يثاير. 

رابعا: إحساسى بالفخر والسعادة كونى أنتمى لنفس بلد هذا 
البطل. فمنذ أن كنت صغيرا وأنا أقرأ لافتات شوارع بلدتى فإذا 
بى أجد اسم أحد هذه الشوارع هو شارع «البطل يوسف صديق» 
حيث إن مدينتنا عبارة عن ثلاثة شوارع رئيسية طويلة ومتوازية 
يتفرع منها باقى شوارع المديئة وكانت كالتالى شارع سعد رَعْلول 
وشارع أحمد عرابى وكلاهما كان معروفا لدى ولكن الشارع الثالث 
والأخير والذى كان يحمل اسم «البطل يوسف صديق» هو الذى 
كان غامضا بالنسبة بى وليس لى أنا فقط بل للكثير من أهل يلدتى 
فكثيرا ما سألت وكانت الاجابة.. لا أعلم .. وأعتقد أنه قد جاء 
الوقت لأجيب عن سؤال الطفل الموجود داخلى والذى مازال 


ساك من ايوسف صديق»؟ 1 
عو «يو 5 أحمد جمال 


٠١17 يوليو‎ 7١ _ الواسطى‎ 


الباب الأول 
ما قبل الثورة 
الفصل الأول 
النشأة والتربية 


سرع 
الفصل الثاني 
الحياه العسكرية 
لالالا 
الفصل الثالتث 
وقفات فكرية 
لالالا 
الفصل الرابع 
ما قبل الثورة 


الفصل الأول 
النشأة والتزبية 


يوسف منصور يوسف صديق الأزهرى (” يناير١91١-‏ إلا 
مارس )١1910/5‏ ولد فى قرية زاوية المصلوب التابعة لمركز الواسطى 
محافظة بنى سويف» والده وجده عملا ضابطين بالجيش 
المصرى. والده هو اليوزباشى منصور صديق شارك بحرب استرداد 
السودان وقضى خدمته بالسودان وتوفى سنة ١191١م.‏ وجده 
يوسف صديق الأزهرى كان من القضاة المعارضين فى عهد الخديو 
توفيق وعندما رفض اعطاء الملك فتوى أنه من أنساب النبى 
(صلى الله عليه وسلم) عينه الخديو على سبيل العقاب كحاكم 
لإقليم كردفان بالسودان أثناء الثورة المهدية حيث القتل والتشريد 
وبالفعل قتل خلالها وكل أسرته ولم ينج سوى ولديه محمود 
ومنصور» حيث هربهما الخادم معه كأنهما من أبنائه وساعده 
فى ذلك لون بشرتهما الأسمر وللأسف تُوفى محمود بالقاهرة 
بينما واصل منصور المسير حتى استقر بقريته زاوية الملصلوب 
والأخير هو أبو البطل يوسف صديق جاء ليستقر فى قرية المصلوب» 


ثم التحق بالجيش بعد ذلك ليكمل مسيرة والده وبالفعل تم نقلا 
للخدمة بالسودان بعد تخرجه وازداد كرهه وعداؤه للإنجليز بعدم 
رآى من معاملتهم السيئة لاضباط والجنود المصريين وبالتانى كان 
مصيره مصير أبيه وتم نقله من مكان سيئ إلى أسوأء حتى أصيب 
بالكبد وكثرت عليه الأمراض وتوفى عام ١151م‏ فى سن صغيرة 
لم تتجاوز الثامنة والعشرين بعدما أنجب طفله الوحيد «يوسف 
صديق» الذى تركه وعمره عام واحد فقط. 

هذه هى عائلة يوسف صديق من أبيه «عائلة الأزهرى» وقد 
كانت هذه العائلة فى ذلك الوقت تهتم بالعلم والثقافة أكثر من 
اهتمامها بالأرض والزراعة وجمع المال وكان الكثير من أفراد هذه 
الأسرة ينتمون للأزهر الشريف يدرسون به ويتخرجون ليعملوا فى 
وظائفه ومجالاته المختلفة: ولذا يرجح أن هذا هو سبب تسميتهم 
بعائلة الأزهرى. 

أما والدته فهى السيدة سكيئة بنت الحاج أحمد على من عائلة 
«على» وكان أحد أثرياء بنى سويف حيث امتلك الكثير من الأراضى 
الزراعية كعادة عائلته فى ذلك الوقت التى اهتمت بالزراعة وزيادة 
ممتلكاتها الزراعية وجمع الأموال لتكوين الثروات.. 


وهكذا تربى يوسف صديق بين عائلتين يستحوذان على العلم 
والمال! وما أدراك إذا اجتمع العلم والمال! فعلى الأقل تتولد 
منهما شخصية كريمة مثقفة متفتحة قوية شجاعة لا تهاب أحدًا 
وتتبع الحق أينما كان وهذا كان حال البطل «يوسف صديق».. 

أيضا حباه اللّه بجسد قوى وملامح صلبة لتحمل طبيعة الحياة 
التى عاشهاء ومن اللطائف التى تحكيها زوجته «علية توفيق» 
أنه من قوة بأسه حتى أثناء طفولته كان يهزم كل أصدقائه وأولاد 
عمه فى مسابقة الجرى التى يقيمها الأطفال وأنه فى إحدى 
المرات تحداهم أن يسبقهم جميعا وهو يحمل على كتفه الطفلة 
«علية توفيق» ويشاء الله أن يتكرر الموقف مرة أخرى فى الكبر 
ليحملها كزوجة بقية حياته.. 

أتم «يوسفصديق» دراسته الأولية بمدرسة الواسطى الابتدائية 
سنة 1594م ثم ذهب إلى القاهرة ليلتحق بالمدرسة الخديوية 
الثانوية وهناك تأثر وهو فى سن صغيرة بخطب سعد زغلول 
وثوريته. بل إنه ذهب فى إحدى الليالى إلى بيت الأمة ليستمع 
لسعد زغلول مباشرة ليرضى ثوريته العارمة ولكن هذا طبعا أغضب 
ولى أمره الذى كان يعيش معه وهو من أحد أقاريه القاطنين 
بالقاهرة. ولكنه عاد إلى بنى سويف مرة أخرى ليكمل دراسته 


الثانوية بها تاركا صخب القاهرة وقيود ولى أمره التى فرضها 
الخوف عليه. وبعد عودته للقرية كان الإشراف لجده ولوالدته 
ثم خاله (الشاعر محمد توفيق) - صاحب ديوان «التوفيق» الذى 
طبعته الهيئة العامة للكتاب بعد وفاته بحوالى ستين عاما - وهو 
الذى أثرى حياة يوسف بالأدب والفكر والثقافة فقد كان ضابطاً 
شاعراً يمتلك فيلا ساحرة على ضفاف النيل تلهمه فئون الشعر 
والأدب وقد انتقلت هذه الثقافة سريعا إلى الشاب الواعى المثقف 
«يوسف صديق» من خلال هذا الخال وفى بيت هذا الخال أيضا 
التقى بابنة خاله وزوجته فيما بعد السيدة «علية توفيق». 

ثم التحق يوسف بالكلية الحربية على الرغم من رفض أسرته 
لهذا فقد ذاقت من ويلات العسكرية ما ذاقت لذا كانوا يأملون أن 
يحافظوا على نجلهم من مهالك الإنجليز لكنه أصرٌ ولم يستطع أحد 
أن يثنيه عن تكملة مشوار أبيه وجده وتخرج فيها عام 1513م ومن 
المواقف الشجاعة التى تذكر له فى السنة الأولى الدراسية أنه رفض 
دفع المصاريف لأن والده كان ضابطاً بهذا الجيش عاش له ومات 
بسببه وعندما حققوا معه لرفضه دفع المصاريف قال له أحدهم إن 
أمك الحاجة سكينة ثرية وقادرة على دفع المصاريف بسهولة» 
لكنه رد بجواب أسكت الجميع» حيث قال لهم: 


«إن أبى اليوزباشى «منصور صديق» هو من خدم بالجيش المصرى 
ومات فيه ولم تكن أمى «سكينة أحمد على؛ هى التى فعلت ذلك 

هنا سكت الجميع وأقروا بأن لكل طالب كان أبوه ملتحقا 
بالجيش المصرى حق عدم دفع المصروفات وفاءً له.. 


لالالا 


الفصل الثاني 


الحياه العسكرية 

شارك يوسف صديق فى حرب فلسطين 558١م‏ وقاد كتيبته 
بجرأة نادرة واستطاع أن يحتل نقطة مراقبة على خط الدفاع بين 
المجدل وأشدود. وكان الضباط يطلقون على المنطقة التى دخلها 
«زلومة يوسف صديق؛ وكان يخطط لهجوم عنيف بكتيبته على 
المستعمرات اليهودية لولا قرار الانسحاب. وقد ابتكر بأشدود 
نظام دفاع جديدة سماه «جزر المقاومة» أثبت نجاحه ويدأ الجيش 
فى إرسال الجنود ليدربهم يوسف صديق على هذا الدفاع الجديد 
الجيد وعلى الرغم من إشادتهم ببراعة يوسف صديق وشجاعته 
فإنه فوجئ أنهم تخطوه فى الترقية ولم يعيروه أى اهتمام عسكرى. 
فأرسل قصيدة إلى وزير الحربية متظلما يقول فيها: 
قل للوزير وقد تبين حقنا وولاؤنا ما بالناينسانا 
نا لتطلتب خقتا لا تيتفت من قظله جود ولا إعبانا 

أيضا أثناء تعسكره بأشدود حيث المناظر الطبيعية الخلابة 
والبساتين الرائعة طغت الطبيعة الشاعرية على الحياة العسكرية 


5 بت عد ينه 


فتغنى بكلمات موزونة على بحر الجمال مختومة بقوافى دوئ 
القنابل اللستمر منها هذه الأبيات التى قال فيها: 
يا جنة فى ربى «أشدود» وارفة تسوج بالسحر أشكالاً وألوانا 
أعدها المبدع البارى وزينها للصابرين على الأيام رضوانا 
خلافاته داخل الجيش 

كان ليوسف صديق مناوشات وخلافات كثيرة فى الجيش 
المصرى فى العهد الملكى خصوصا مع باشاوات الجيش الذين 
عشوا فسادا وهذا عرضه للتأخر فى الترقية واضطهاد ممن هم 
أعلى منه فى الرتبة العسكرية وهذا يظهر فى أحد مواقفه مع 
أحد لواءات الجيش الذى سب كتيبته أثناء تدريب يؤدونه فى 
الصحراء وانتظر يوسف صديق حتى انتهى ضرب النار ليثبت 
الاعتذار وفوجئ يباقى ضباط الكتيبة على باب مكتب اللواء 
يعتصمون وينددون بما حدث وعندما لم يستطع اللواء صرفهم 
استغاث بيوسف صديق ليصرفهم ويعدهم بالاحترام ولكن كان 
الاضطهاد والتهميش هو رد الجميل ورفعت فيه مذكرة تدينه 
بذلك لكن ظهر الحق فى التحقيقات وأنصفه القانون وأخذ حقه 


وقدم التظلمات ليحصل على ترقياته كاملة مثله مثل أقرانه. وقد 
سجل الشاعر الرقيق الظلم الذى تعرض له فى بعض الأبيات 
الشعرية كهذه عندما تخطوه فى الترقية وهو فى حرب فلسطين: 
أمنت ظهرى بالحبيب من العدا فأصابنى فيه الحبييب تعيدا 
ورمييت بالسهمين سهم شاهد فى الصدر أنى ما تهيبت الردى 
شهدت لى الأعداء عدلاً يا ترى سهم الأحبة ما عسى أن يشهدا 
الكتيبة الأولى مدافع ماكينة مشاة 

أيضا مما تحكيه زوجته علية توفيق: أثناء خدمته بالجيش 
المصرى قصة تثيت دوره الفعال داخل الجيش فتقول : قل يوسف 
صديق مع الأورطة إلى الدخيلة بالإسكندرية ثم نقل معها إلى مرسى 
مطروح وهناك كلف يوسف بعمل عسكرى مهم جداً برغم حداثة 
خبرته ومدته ورتبته العسكرية» فقد كلف يتحويل هذه الأورطة 
المشاة إلى مدافع ماكينة وفعلا قام يوسف صديق بهذا العمل 
العسكرى المهم خلال ثلاثين يوما حتى أن القائد الإنجليزى 
الذى كان يتابع عملية التحويل عبر عن إعجابه بهذا اللستوى 
من الأداء بقوله «إن من يرى هذه الكتيبة لا يصدق أنها منذ 
شهر واحد فقط كانت كتيبة مشاة» وأطلق على هذه الأورطة بعد 


تحويلها إلى مدافع ماكينة «الكتيبة الأولى مدافع ماكينة مشاة» 
لأنها كانت أول كتيبة مدافع ماكينة مشاة بالجيش. ومما يجدر 
ذكره أن هذه الكتيبة هى نفس الكتيبة التى قاد يوسف صديق 
مقدمتها ليلة ثورة ٠‏ يوليو 1987م واحتل بها رئاسة الجيش 
فى كوبرى القبة وقبض على رئيس أركان حرب الجيش ومن كان 
مجتمعاً بهم لإجهاض الثورة وأنقذ الثورة من فشل محقق كما أنقذ 
الضباط الأحرار من الإعدام رمياً بالرصاص. 

فا يجدن ذكرة أيضا أن يوبق صديق خلدل هذه التدريبات 
وتحويله للأورطة إلى كتيبة مدافع ماكينة مشاة أصيب بشرخ فى 
العمود الفقرى ظل طوال عمره يعانى منه وألبس بسببه جاكت 
من الجبس كان يسميه السجن المفصل2 وعلى الرغم من ذلك 
أكمل مهامه العسكرية على أكمل وجه دون تقصير أو تكاسل» 
بل اجتهد وتفانى فى العمل العسكرى ليشهد له القاصى والدانى 
والعربى والأجنبى. 
مدرسا للتاريخ العسكرى 


أيفا عمل يوسف صديق كمدرس للتاريخ العسكرى بالكلية 
الحربية من عام ام إلى عام ١155م‏ حول فيها مادة التاريخ 


العسكرى يأسلوبه الشيق المثير فى السرد من مادة مملة ثقيلة على 
الطلبة إلى مادة شيقة ينتظرها كل الطلبة بشغف وحب للاستزادة 
والمعرفة وكان من تلاميذه بعض قادة الثورة كخالد محيى الدين 
وحسن الدسوقى.. 

التحق بعد ذلك يوسف صديق بكلية الأركان حرب سنة 
47م وهى السنة التى اشتدت فيها الام العمود الفقرى عليه 
وألبس فيها الجاكت الجبس أو السجن التفصيل.. 

وهنا يسرنى أن ألقى الضوء على هذه الجملة التى قالها 
يوسف صديق فى بحته الذى سيأخذ عليه التقدير فى نهاية 
الدراسة . وهذه الجملة هى «وما زال الجيش المصرى ينتظر القائد 
المصرى النقى» ولقى جزاء كلمة الحق عدم حصوله على الدرجات 
التى يستحقها وعدم تعيينه فى أى منصب حساس بعد حصوله 
على شهادة الأركان حرب. 

من المواقف الثورية له قبل الثورة مؤازرته هو ورفاقه الشجعان 
للأميرالاى عبد الواحد سبل الذى رفض التواطؤ مع الفاسدين 
ورفض الرشوة ووقف فى وجه الظلم والفساد المنتشر فى الجيش 


وقتها وكان مصيره الحرمان من الترقية بل وطرده من الجيش 
وهنا ظهر الأبطال وأقاموا له حفل تكريم بنادى الجيش ودعوا 
له الكثير من الضباط ومثل الحفل احتجاجا شديدا على قرار 
طرده من الجيش بل اعتبره البعض أولى بذور الثورة وهنا ظهرت 
شاعرية البطل الحماسى الذى أطرب أذن السامعين وهيج 
عاطفتهم بقصيدة ديا صاحب القلب الكبير» مدعما موقف رئيسه 
ومعزيا له ومنها هذه الأبيات الرائعة : 


هون عليك أخى فإن جهادنا 
إنا وهبنا للجهاد نفوسنا 
والمؤمنون الخلصون يزيدهم 
يا صاحب القلب الكبير تحية 
حُررت من قيد الوظيفة فانطلق 
عار الوظيفة أن نضام بها إذا 
ونفوس أهل الحق تأبى حرةٌ 


فى الله لا نرجوا الحياة متاعا 
لا مقي كا ولا أطماعا 
ظلم الحوادث شدة وصراعا 
فلقد بدأت ولا أقول وداعا 
خدرا وأطلق للكفاح شراعا 
كنا الرجال ولم نكن أتباعا 


وكريمة أن تشترى وتباعا 


وكالعادة كانت هذه القصيدة هى وسيلة المواصلات التى نقلته 
ريغا كعقان إن الأسباعيلية حيف كان ويه الكرليرا متها 


صغره واستعداده النفسى للثورة على أى شىء خاطئ والتبكير 
بكل شجاعة وبسالة فى الوقوف بجانب الحق أيا كان وهذا ما 
سنلحظه فى الأحداث القادمة.. 


لالالا 


الفصل الثالتث 
وففات فكرية 
يوسف صديق وحرب الوقد 

بعد أن انتقل يوسف صديق إلى القاهرة كأن من الطبيعى أن 
يتلاقى مع التيارات السياسية المختلفة وبالطبع كانت بغيته 
أول ما اتجه إلى حلم طفولته إلى البيت الذى ذهب إليه كثيرا 
متظاهرا ثائرا يناصر الحق ويدفع الظلم إلى بيت الأمة حيث 
الزعيم والقائد سعد زغلول الذى كثيرا ما تمنى رؤيته واتباعه فى 
مسيراته وأفكاره الثورية المناهضة للاستعمار لكنه لم يجد هذا 
بعينه فما لبث أن ترك حزب الوفد سريعا فقد وجد من وجهة 
نظره أن حزب الوفد يوجود سعد زغلول يختلف كثيرا عن حزب 
الوفد الحالى بدون سعد رُغلول لذا لم يكمل المسيرة مع حزب 
الوفد وغير دفته سريعا ليتجه إلى تيار آخر قد يتلاقى معه فكريا 
ويلبى طموحه الثورى العارم ونتيجة لتربيته المحافظة وتدينه 
الريفى الأصيل» فقد اتجه صوب تيار الإسلام السياسى واختار 
أن يجرب التيار الوسطى حيث «الإخوان المسلمون).. 


يوسف صديق والإخوان المسلمون 


وكما يحكى يوسف صديق فقد مر على الإخوان مرورا سريعا 
عن طريق الضابط «لبيب» المسئول عن ضباط الإخوان المسلمين 
ولم يمكث بها كثيرا ولم يلتق فكريا معهم فهو لم يختلف كثيرا 
عن أهداف الإسلام السامية لكنه اختلف فى طريقة التطبيق فهو 
مثلا عندما اختلف معهم -- من وجهة نظره - لم يكن على أهلية 
القران ليكون دستورا للأمة أم لا. بل هو أراد تحويل هذا المبدأ 
إلى دستور مكتوب فعليا ومحدد على الطريقة الحديثة حيث إنه 
كان مقتنعا يأن الإسلام عموما والقران خاصة صالح لكل زمان 
ومكان وعلى الرغم من عدم التقائه الفكرى مع الإخوان فإنه ظل 
يكن لهم كل معانى الحب والود والاحترام وهذا ظاهر فى عدة 
مواقف : 

أولها: علاقته مع أحد المؤسسين لحركة الضباط الأحرار 
والمنتمى للإخوان المسلمين وهو عبدالمنعم عبدالرءوف وقد ذكره 
البطل يوسف صديق فى مذكراته بكل الخير بل مدح فيه وفى 
كرم أخلاقه وحسن شخصيته ومما ذكره معه. موقف عبد المنعم 
عبدالرءوف فى بيت يوسف صديق بمجرد دخوله البيت يحضر 
له سجادة الصلاة ويظل عبدالمنعم منتصباً للصلاة تاركا المناقشات 


حتى انتهاء الاجتماع ولا سأله عن ذلك قال إنه «أى عبدالمنعم 
عبدالرؤف» بدأ يشعر أن جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر 
بدءا يتحركا بشكل فردى وهذا ما وافقه عليه يوسف صديق 
ولكن طلب منه استكمال مسيرة العطاء دون النظر الى الأشخاص 
وإعلاء مصلحة الوطن وهذه هى شيم هذين الفارسين ولكن كما 
قال المؤرخون فهذه الثورة قام بها أناس واستفاد منها آخرون! 

وثانيها: فى علاقة يوسف صديق بالإخوان هو اقتراحاته 
المستمره فى الصحف والجرائد وخطابه للرئيس الراحل محمد 
نجيب فى أزمة مارس 1904م والذئ اقترح فيه رجوع البرمان 
المنحل وتوليه الشرعية والمسئولية أو تشكيل حكومة ائتلافية تضم 
كل أطياف المجتمع وكان ممن اقترح مشاركتهم فى هذه الحكومة 
جماعة الإخوان المسلمين مع الشيوعيين والوفد وهنا تتجلى عقلية 
هذا البطل الفكرية الناضجة المتفتحة التى تقبل الجميع دون 
إقصاء وتتعاون فيما تتفق عليه وتعذر الآخرين فيما اختلفت فيه 
معهم وما أحوجنا إلى هذا الفكر اليوم. 

وثالثها: هو مشاركة الإخوان المسلمين معه فى لجنة الكفاح 
المسلح ضد الانجليز وإن كانت لفترة قصيرة تحكيها لنا زوجته 
«علية توفيق» وتقول: 


«فى حوالى شهر سبتمبر 1557م كان يوسف مدعوا للغداء 
بمنزل الصاغ صلاح عبد الحفيظ وهو بلدياتنا من بنى سويف وكان 
موجودا الصاغ حسن الدسوقى وتصادف وجود السيد عبدالحفيظ 
الصيفى الذى كان عضوا بارزا بالإخوان المسلمين ودار الحديث 
حول الكفاح المسلح فأبدى عبد الحفيظ الصيفى تأييده للفكرة 
واقتناعه بها ووعده بعرضها على المرشد العام للجماعة. وبعد 
ذلك بأيام تم لقاء بين يوسف ونفس المجموعة والمرشد العام 
للإخوان حيث أبدى المرشد العام موافقته على التعاون مع كافة 
الأحزاب السياسية بمن فيهم الشيوعيون للكفاح المسلح ضد 
الإنجليز وأبلغ عبدالحفيظ الصيفى الصاغ صلاح عبد الحفيظ بأن 
المرشد العام قد فوض كلا من حسن عشماوى وصالح أبو رقيق 
وصلاح شادى ومنيرالدلة وعبد الحفيظ الصيفى فى التنسيق مع 
مجموعة يوسف صديق والأحزاب السياسية الأخرى حول فكرة 
الكفاح المسلم ضد الإنجليز وتم لقاء بينهم وبين يوسف صديق 
وفى تلك الجلسة أبلغوا يوسف بأن جمال عبدالناصر اتصل بهم 
وأبلغهم بأنه يرحب بالتعاون معهم فى مجلس القيادة لكن هناك 
معارضة من يوسف صديق وخالد محيى الدين وقد نفى يوسف 
صديق فى تلك الجلسة ما ادعاه عبد الناصر. 


وفى اليوم التالى توجه عشماوى وصلاح شادى إلى جمال 
عبد الناصر وأبلغاه بما دار بينهم وبين يوسف صديق خاصة 
تكذيب يوسف لا إدعاه عبد الناصر ضده وضد خالد محيى 
الدين. 

وفى شهر يناير “198 كان طلاب الجامعة يحتفلون بذكرى 
شهداء الكفاح المسلح بالقناة وكانت قد تكونت لجنة من الطلبة 
تضم الشيوعيين والإخوان والوفديين وأعلن فى هذا الاحتفال تكوين 
جبهة من القوى الثلاث, 

لكن عناصر تنتمى للسلطة حاولت فض المؤتمر بالقوة فتصدى 
لهم الطلبة وأرغموهم على الفرار. وفى مساء نفس اليوم حضر عبد 
الحكيم عامر إلى منزلنا يسكنات الجيش ونسب إلى يوسف صديق 
تدبيره أحداث الجامعة. فأنكر يوسف ذلك واتهمهم باستفزاز 
الطلبة والاعتداء عليهم. 

وفى اليوم التالى لإيداع مجموعة من ضباط سلاح المدفعية فى 
سجن الأجانب ومعهم بعض ضباط يوسف صديق اجتمع مجلس 
القيادة فهاجم يوسف صديق إجراء القبض على الضباط وأكد تأييده 
لا ينادون به ووصف مجلس القيادة بعدم الشرعية فهو مجلس غير 
منتخب لا من الشعب ولا من الجيش وقدم استقالته من المجلس 
مما نتج عنه توقف أعمال لجنة الكفاح المسلح ضد الإنجليز. 


والملمح الأخير فى علاقة يوسف صديق مع الإخوان هو 
تعاطفه معهم فى المعتقل فقد كان هو أحد المسموح لهم بسماع 
الأخبار فكان يقوم بعمل نشرة دورية ينسخها على يده عدة 
مرات ثم يوزعها على العنابر ليربطهم بأخبار العالم الخارجى. 
وفى هذه الفترة تحكى ابئته «سهير؛ أنه يمجرد دخوله المعتقل 
وجد الأميرالاى أحمد شوقى وعددًا كبيرًا من ضباط الإخوان 
المسلمين ومنهم عبدالمنعم عبدالرءوف ومعروف الحضرى وأبو 
المكارم عبدالحى وغيرهم وقد ظل والدى سنة وشهرًا فى السجن 
الحربى وفى هذه الفترة عاصر التعذيب الشديد الذى وقع على 
قيادات الإخوان المسلمين وأعضاء جماعتهم وكنت أزوره كل 
أسبوع فيقص علينا ما يحدث من أبشع أنواع التنكيل ما فاق 
كل تصور وما لا يتصوره عقل وفى إحدى هذه الزيارات لوالدى 
بالسجن الحربى بعد أن اعترف أعضاء الجهاز السرى يأسماء 
زملائهم وبالتنظيم كاملا وتم القيض على جميع الأعضاء وكان 
الناس يلومون القيادة لهذا الاعتراف قال أبى إنه رأى بنفسه 
العذاب الشديد الذى وقع على هؤلاء القادة من الجلد الذى كان 
يتطاير فيه لحمهم إلى إطلاق الكلاب التى تنهشهم إلى سحلهم 
بالخيل ولم ينطقوا بحرف واحد ولم يعترفوا إلى أن جاءوا يزوجة 


هنداوى دوير وكان شايا صغيرا وكانت زوجته فى بلدتها لتضع 
مولودها فأتوا بها إلى السجن الحربى وخلعوا ملابسها أمامه 
ووضعوها على العروسة إحدى ألات التعذيب وقالو له إنهم 
سيفعلون معها ما فعلوه به. فطلب منهم أن يرجعؤها إلى بلدتها 
وقام بالاعتراف الكامل لهم على النحو المعروف بعد ذلك وفى 
آخر كل زيارة لأبى فى السجن كان يعطيئا كيسا كبيرا به عدد 
كبير من الخطابات التى كتبها المعتقلون لذويهم لكى أرسلها 
عن طريق البريد لكى يعرفوا مكاتهم. 

أيضا يحكى الأستاذ محمد توفيق الأزهرى فى كتابه «يوسف 
صديق منقذ ثورة يوليو» عن الفترة التى قضاها يوسف صديق فى 
معتقله وماعاصره من حوادث تعذيب الإخوان المسلمين 
فى العتقل .ديت" يقول: “ما اهو قضة: ‏ والحائكة التى :ل أنساها 
كانت عند تعذيب يوسف طلعت فقد كان الرجل يضرب بالسياط 
حتى يفقد الوعى وقد شاهدت بنفسى لحم الرجل يتطاير من شدة 
الضرب وقد جلس وكيل النيابة فى المكتب بالقرب من مكان 
التعذيب للتحقيق مع الرجل.. كانت الرحمة قد نزعت من 
القلوب وتحول الزبانية إلى وحوش آدمية لا يعرفون الله وقد 
تعرض لمثل هذا التعذيب عيد القادر عودة وفتحى البوز الذى 


سمعته بنفسى يقول للجلاد عندما اشتد عليه الضرب: علشان 
خاطر ربنا فيرد عليه الجلاد: «خلى ربئا ينزل يخلصك؛ وهنا 
أردت الوقوف على هذا الجانب المظلم من التعذيب والتنكيل 
لأبين مدى الظلم والجور الذى وقع على كل الحركات المعارضة 
للديكتاتورية من مجلس قيادة الثورة بعد رحيل يوسف صديق 
وخالد محيى الدين عنه. 

ولأبين أن هذا الذى حدث داخل سجون ومعتقلات الديكتاتورية 
هو أحد أسباب - إن لم يكن السبب الرئيسى - صنع الإرهاب 
والتطرف الفكرى وظهور المكفرين والفرق والجماعات التى ظهرت 
حينذاك والتى أضرت بعنفها الإسلام والمسلمين.. 
يوسف صديق والشيوعية 

ما فهمته من مذكرات يوسف صديق وخطاب الأستاذ محمود 
توفيق فى كتاب «أوراق يوسف صديقء أنه قد التحق بالشيوعية 
فكرا فقط ولم يلتحق بها تنظيما على الرغم من مناداة بعض 
أصدقائه له على سبيل الدعابة ب (يوسف ستالين) ومن هذه 
الحركات التى كان له صلة بها الحركة الشيوعية «حدتو»؛: وذلك 
عن طريق أحد أصدقائه وهو إبراهيم عبد الحليم زميل العمل 


وأخو الشاب الثائر كمال عبدالحليم الذى اختبأ لفترة محدودة 
فى بيت يوسف صديق بعيدا عن أنظار البوليس السياسى على 
الرغم من رصد مكافأة مالية لمن يبلغ عن مكانه لكن كان ماواه 
الوحيد هو بيت صديق أخيه وهكذا زادت معرفة يوسف صديق 
ببعض قيادات «حدتوء التى كثيرا ما ساعدت الضباط الأحرار 
وطبعت المنشورات لهم ووقفت معهم حتى قيام الثورة لكنها مى 
الأخرى لم تسلم من أذى الديكتاتورية وعلى الرغم من اقترابه من 
الشيوعية فإنه كان له مأخذان مهمان عليها: 

أولهما: بعد الشيوعية عن الأديان وعدم احترامها للأديان 
وإظهار صورة الإلحاد هى الصورة المثلى بل والتطاول فى يعض 
الاحيان (كما ذكر يوسف صديق) على المصلين والسخرية من 
المؤدين لعبادتهم والإفطار جهراً فى رمضان والتفاخر بالإلحاد.. 

وهنا لا يفوتنا أن نذكر إعجاب يوسف صديق بالاشتراكية 
واعتبارها حلا جذريًا لكثير من المشاكل وإعجابه بمبادئ ماركس 
الاشتراكية ومساهمته فى تطوير المجتمعات مع تحفظه الشديد 
على فكرة الإلحاد وقد قال «إنه إذا جنبنا قضية الإلحاد فنستطيع 
أن نقول بأن كل ماتحويه الاشتراكية يطابق الإسلام». 


أما المأخذ الثانى فهو الانقسام الشديد والتفرق داخل الحركات 
الشيوعية بل داخل الحركة الواحدة وهو ما راه يوسف صديق 
مرضًا خطيرًا فى كيان الفكر الواحد وعلى الرغم من ذلك فقد ذكر 
يوسف صديق فى أحد الحوارات الصحفية أنه ليس شيوعيا. 
ومما قاله لهم عند قراءة أحد منشوراتهم - كما جاء فى كتاب 
علية توفيق «يوسف صديق وجمال عبد الناصر وأنا؛: «ستظلون 
تشتمون وتهاجمون بعضكم إلى أن يحضر البوليس السياسى ويقبض 
عليكم جميعا دون أن تكونوا قد حققتم أى نتائج عملية تساعد 
البلد على الخلاص مما هو فيه» وهنا قد فقد يوسف صديق الثقة 
فى التنظيم الشيوعى ١‏ ولإيمانه بأنه قادر على فعل شىء محقق 
للأمة يستطيع أن ينقذها مما هى فيه فقد غير وجهته تاركا شط 
الشيوعية وموانيها ليرسو بسفينته الفكرية على آخر المراسى له ألا 
وهو تنظيم الضباط الأحرار وقبل أن أنتقل إلى تاريخ يوسف صديق 
مع الضباط الأحرار أود أن أختم هذه الفقرة الخاصة بميول البطل 
يوسف صديق الفكرية وانتماءاته السياسية بسؤال صحفى جريدة 
المصرى الذى أجرى حواراً مع يوسف صديق وسأله متعجبا هل 
أنت من الإخوان؟ أم شيوعى؟ أم وفدى؟ أم اشتراكى؟ أم أنت 


2 


هؤلاء جميعا؟! وإجابتى الشخصية هى أنه فعلا هؤلاء جميعا.. 


يوسف صديق والضباط الأحرار 


بعد فقد الثقة فى الحركات الشيوعية ظل أمل يوسف صديق 
فى الجيش وحده فهو الجهة التى تملك العدة والسلاح الذى 
يمكنه من تغيير الأوضاع إن أراد ذلك. وهذا الرأى ظهر علدا 
فى قصائده المحرضة على حمل السلاح والعمل وترك المعارضة 
الكلامية فقط, 

ولم يكن يوسف صديق من مؤسسى حركة الضباط الأحرار 
ولكنه التحق بها عن طريق صديقه الضابط وحيد رمضان أحد 
الضباط الأحرار وكان ذلك سئة ١45١‏ أثناء خدمته فى العريش 
بالكتيبة الأولى مدافع ماكينة مشاة وأخذ يقرأ منشوراتها ويتعرف 
إليه أهدافها ومبادئها على غير الكثير من أعضائها الذين لم 
يقرأوا عنها شيئا كما ذكر حمروش فى كتابه عن قصة ثورة يوليو 
ويقول «قال لى صلاح سالم إنه لم يقرأ منشور الأهداف الستة ولم 
يناقش هذا الموضوع أو يتعرف إليه إلا بعد نجاح الثورة» المهم 
تعرف البطل يوسف صديق إليه الضابط وحيد رمضان والذى 
رشحه للالتحاق بالضباط الأحرار ومن هنا جاءت سعادة يوسف 
صديق فها هوذا يجد الطريق ويجد السبيل للحلم الذى راوده منذ 


سنين فكم فكر فى أن يأخذ كتيبته يمفردها ويغامر بها لكى ينهى 
هذا العهد الملكى الديكتاتورى وكم حلم بالانضمام لحركة تساعده 
على تنفيذ هذا الحلم وها هو البطل قد ساعد حركة الضباط 
الأحرار قبل أن تساعده ولكن كان ذا جزاؤه جزاء سثمار ولم 
يكذب «نجيب» عندما ذكرها فى مذكراته بأنها حركة الضباط 
الأشرار وليسوا الأحرار. 

ولكن على الرغم من ذلك أدى يوسف صديق دوره وواجباته 
على أكمل وجه ولم يقصر أيداً ولم يعتن بالأفعال السخيفة ممن 
هم أحدث منه فى الرتبة العسكرية كعبدالتاصر أو أقل منه 
كعبدالحكيم عامر وإنما كان هدفه واضحًا وطريقه صريحًا عكس 
. معظم ضباط مجلس قيادة الثورة وهذا ما يدلل عليه أن استقالته 
كانت أول استقالة من المجلس وحين انتشر فساد الضباط وعم 
لدرجة أن شقيق صلاح سالم وجمال سالم طبع كارت مكتوب , 
عليه شقيق صلاح وجمال سالم ليستخدمه فى المصالح الحكومية 
لم نجد يوسف يسعى حتى لتعيين أحد أقاربه فى أى منصب 
ولم تشبهه أى فضيحه جنسية أو مالية كما ظهر بعد ذلك مع 
معظم ضباط مجلس قيادة الثورة وإنما عاش حرا ومات شريفا. 

وبدأ كفاح يوسف صديق مع الضباط الأحرار من أول لحظة 


التحق بهم فقد تحول بيته إلى مقر سرى لاجتماعاتهم وشاركته 
زوجته المناضلة السيدة «علية توفيق: فى الحياة السياسية فها هى 
ذى تنصحهم بترك عرباتهم العسكرية المعروفة يد عن المنزل 
بجوار محطة السكة الحديد حتى يظنها من يراها أنها عربات 
فى انتظار القادمين أو الراحلين فى قطار المحطة والترجل حتى 
المنزل لعدم لفت الانتباه بسبب كثرة العربات أمام المنزل وها 
هى ذى تشارك فى طباعة المنشورات وتوزيعها على المحال فى 
الشوارع وإيداعها صناديق بريد العمارات ومن المواقف الصعبة 
التى عاشتها علية توفيق مع زوجها والتى تحكيها فى كتابها أنه 
فى إحدى الليالى وكان موعد لقاء الضباط الأحرار السرى فى بيت 
يوسف صديق قد اقترب ولم يبق إلا دقائق معدودة فإذا بالقائمقام 
«رشاد مهنا» يدق جرس الباب ويدخل لزيارة يوسف صديق فى 
بيته -- وكان قد نقل حديثا إلى متظقة العريش > وسرعان ها سام 
لبه زوق قبي ر انا وميد عله تدك التزلا فى يق قايلك 
علية توفيق الضباط الأحرار القادمين بعده مباشرة وأبلغتهم فى 
هدوء تام بالتزام الصمت وخبأتهم فى غرف الفيلا العديدة حتى 
انتهاء زيارة القائمقام رشاد مهنا وخروجه من المنزل وهنا تنفست 
علية توفيق الصعداء وعندما نظر يوسف صديق فى البيت ولم 


يجد أى ضابط ظن أنهم تأخروا أو ربما لم يأتوا ولكنها سرع 
ما شرحت له ما جرى ووجد الضباط يخرجون عليه من حجرا, 
الفيلا كالجراد المنتشر فتئفس هو الآخر الصعداء وشكر الله عد 
هذه الزوجة الذكية الثائرة المخلصة للوطن وهكذا شاركت المناض 
والزوجة زوجها الكفاح وكان جزاؤها أيضا جزاء باقى الشرفاء 
فتحكى ابنته من السيدة توحيدة صبرى أنه بعد اعتقال أبيها ج 
رجال البوليس - وكان وزيز الداخلية وقتها زكريا محيى الدي 
- ليقبضوا على أمها التى ليس لها شأن بالسياسة أصلا وخر 
الخبر بعد تفتيش البيت ومعه حقيبة بها منشورات مازال ورقع 
نناخنًا- أى أن الغائط احغيرها من" الطيعة إلى البيت مباهر 
لسرعة تلفيق القضية ولكن بعد ساعات معدودة خرجت الأم مر 
مركز الشرطة حيث علمت أنها لم تكن المقصودة بالقضية وإنم 
القصودة هى زوجة يوسف صديق الأخرى «علية توفيق» وسرعاز 
ما توجه رجال البوليس بنفس الحقيبة إلى بيت السيدة دعلية 
توفيق» للقيض عليها. 

وبعد التحاق يوسف صديق بحركة الضباط الأحرار التقى 
بجمال عبد الناصر عدة مرات تبادلا فيها الآراء ووجهات النظر 
حتى التقيا يوم ساعة الصفر... 


جاءت التعليمات بنقل الكتيبة الأولى مدافع ماكينة مشاة 
من العريش إلى القاهرة وكان قرار النقل يقضى بأن تنتقل مقدمة 
الكتيبة أولا بقائدها الثانى وهو يوسف صديق لتقوم بإعداد 
المكان وتهيئته قبل نزول ياقى الكتيبة. فرح يوسف صديق بهذا 
القرار جدا فهو هكذا يمكنه من حضور الثورة بالقاهرة وبالفعل 
فى صباح يوم ١‏ يوليو جاء القطار الذى سيحمل مقدمة الكتيبة 
بقائدها يوسف صديق إلى القاهرة ولكن حدث شىء غريب على 
غير المتوقع فقد جاءت البوستة إلى الكتيبة بإلغاء قرار النقل 
وعندما علم يوسف صديق بذلك حزن حزنئا شديدا لكنه سرعان 
ما استخدم ذكاءه وأبلغ الضابط الذى استلم البوستة بألا يريها 
لقائد الكتيبة ولا.يبلغه بها إلا بعد تحرك القطار بمقدمة الكتيبة 
وبذلك يضمن السفر إلى القاهرة. 

وبالفعل نجحت الحيلة الذكية من البطل يوسف صديق 
ووصلت مقدمة الكتيبة إلى القاهرة لتعسكر فى منطقة الهايكستب 
بأطراف مصر الجديدة. 


لانانا 


زاد الفساد واستشرى فى البلاد حتى وصل إلى حريق القاهرة 
فى يناير ١155م‏ وأعلنت الأحكام العرفية فزاد الاحتقان وزاد 
كره الناس للملك وأعوانه وتم تعطيل الدستور ومئع الصحف من 
النشر عن الانتخابات وتم مصادرة العديد من الصحف واعتقال 
القيادات السياسية. أيضا قام البوليس بمحاصرة البرلان بعد قرار 
حل مجلس النواب حتى لا يدخله النواب عنوة وهكذا بلغ كره 
الملك فى الشارع إلى ذروته وتأهب الشعب للقبول بأى انقلاب 
على الملك يخلصه منه. 

على الجانب الآخر فى الجيش تم اغتيال الضابط عبد القادر 
طه على يد رجال الملك عقب توزيعه لمنشورات تهاجم الملك 
وتتهمه بالخيانة ثم تم اعتقال الضابط الوفدى حسن علام أثناء 
طباعته للمنشورات فزاد التوتر داخل الجيش وفى اجتماع 
الجمعية العمومية لنادى الضباط وقفوا حدادًا على روح الشهيد 
عبد القادر طه ثم أعلنوا رفضهم لتمثيل سلاح الحدود فى النادى 


21 


على غير رغبة الملك: فكان الملك أكثر منهم صداماً وتحدياً فحل 
لنادى وألغى الانتخابات وهدد محمد نجيب رئيس النادى 
لنتخب - أيضا على غير رغبة الملك - بالطرد من الجيش 
والاعتقال فزادت اجتماعات الضباط الأحرار وزاد احتقانهم على 
الملك وأعوانه وقرروا أخذ خطوات عملية فقرروا الإعداد لانقلاب 
عسكرى وقاموا بحصر رجالهم وقواتهم فاستشعروا قوتهم وقرروا 
ميعادا للإنقلاب فى يوم ؟/” من أغسطس م ويحكى خالد 
محيى الدين فى مذكراته الآن أتكلم عن هذا الاجتماع الذى حددوا 
فيه موعد يوم الانقلاب ويقول: «وفى الاجتماع أحضر جمال عبد 
الناصر يوسف صديق معهد)؛. كان يوسف يريد أن يطمئن على وجود 
قوات كافية وكان لدى ضباط المشاة شكوك فى أن ضباط الفرسان 
المهتمين بمظهرهم يمكن أن يتحركوا فى عمل ثورى كهذا. وكان 
يوسف صديق شخصا محترما وقد عمل مدرساأ فى الكلية الحربية 
لدة طويلة وتتلمذ على يديه العديد من الضباط ولم أكن أعرف 
حتى ذلك الحين أنه شيوعى وأنه عضو فى (حدتى - أوضحنا 
قبل ذلك أن يوسف صديق لم يكن عضوا يحدتو - وأعتقد أن 
عبدالناصر لم يكن يعرف ذلك فبعد الثورة دهش عبدالناصر عندما 
عرف أن يوسف صديق شيوعى وانتابته حالة شك عميق فى أن 
(حدتو) تحتفظ سرا بتنظيم لها فى الجيش. 


وعلى موعد الثانى أو الثالث من أغسطس انتهى اجتباع 
وبدأنا جميعا فى تحرك واسع بين الضباط استعدادا للعمل الذز 
عشنا من أجله طويلا وعملنا من أجله كثيرا.. 

ولم نبلغ الضباط بالموعد ولكن طلبنا منهم تحسين علاقاتم 
بالجنود وبزملائهم الضباط وتحديد إمكانيات وسبل السيطر 
على الوحدات وطلبنا من كل منهم أن يترك أرقام تليقونات 
وأماكن وجوده حتى يمكن الاتصال به فى أى لحظة. 

إنها اللمسات الأخيرة للاستعداد للعمل الحاسم.. أخبر أحد 
الوزراء محمد نجيب بأن السرايا معها قائمة بأسماء الضباط الذي 
يحركون الجيش ويثيرون الفتن داخله فأسرع نجيب بإخبار 
الضباط الأحرار وجاءت معلومات للضباط الأحرار بأن حسين 
سرى سيتولى منصب وزير الحربية وهو من الشخصيات المعادية 
لهم واليمامه بمعظم خيوط الجيش يساعده على تصفيتهم واحدًا 
تلو الآخر وهذان الخبران كانا سبب تقديم يوم الانقلاب إلى "١‏ 
يوليو ثم أخره عبدالناصر يومًا آخر للتمكن من التجهيز والإعداد 
الجيد للضباط ليكون يوم ساعة الصفر ليلة "؟ يوليو ؟ 6م وتم 
وضع الخطة وتم مناقشتها فى الاجتماع الأخير للضباط الأحرار. 

- ولكنى هنا لن أتعرض لهذه الخطة البشرية التى لم تنفذ 
وربما لو نفذت فى ميعادها لكانت سببا لنصب المشانق أو الإعدام 


يا بالرصاص ولكننى سأتعرض لهذه الخطة الإلهية التى وضعها 
5 بعنايته لينفذها عبده الشجاع «يوسف صديق» دون دراية 
با. وأراد عبد الناصر أن يؤمن الثورة فأبلغ الإخوان والشيوعيين 
يعاد التحرك لضمان التأييد الشعبى وللتأمين السياسى للحركة 
بهذا أصيح المسرح جاهزا لبدء العمل... 

وقبل أن نبدأ فى أحداث ليلة الثورة لا يفوتنا أن نذكر هذه 
لشهادة التى سجلتها السيدة علية توفيق عن شجاعة وتضحية 
روجها البطل يوسف صديق فى كتابها «يوسف صديق وجمال 
مبدالناصر وأنا» حيث قالت: 

«فى تلك الأيام الحاسمة فى تاريخ مصر الحديث وفى النصف 
لثانى من شهر يوليو عام هام عاود يوسف نزيف الرئة اليسرى 
الذى سبق أن تعرض له خلال فترة خدمته بالسودان فى صيف 
عام ٠598١م:‏ الأمر الذى أجبره حينذاك إلى نقله بالطائرة من 
السودان إلى القاهرة للعلاج بالستشفى العسكرى بحلمية الزيتون. 
كان العلاج يقتضى إلى جانب الأدوية والحقن راحة تامة بالفراش 
لدة ثلاثة أسابيع وكان قد عاوده النزيف مرة ثانية فى نفس 
الرئة فى صيف عام ١158م‏ ومر بنفس رحلة العلاج: مما ألزمه 
الغراش كما اعتاد من قبل .فى حين كان موعد قيام الثورة قد 


تحدد ليلة 7١‏ /7 يوليو بصفة نهائية. زار جمال عبد الناصر 
وعبدالحكيم عامر يوسف صديق فى منزله بحلمية الزيتون فو 
يوم ٠١‏ يوليو ليجدا يوسف على هذه الحالة المرضية الحادة أو 
على حد قول يوسف صديق «ليجداه غارقا فى نزيفه؛ ولم يكن 
أمام عبدالناصر إلا أن يعفيه من العمل فى ليلة الثورة خاصة أن 
باقى كتيبة المدافع ماكينة لم يكن قد وصل من العريش بعد؛ 
. وبالتالى فلن تتمكن من المشاركة فى الثورة فضلا عن أنه يمكن 
تكليف اليوزباشى عبدالمجيد شديد مساعد يوسف صديق برئاسة 
مقدمة الكتيبة» حيث إنها قليلة العدد والعدة وواجبها فى خطة 
الثورة بسيط وهو تدعيم قوات الضباط الأحرار التى ستقوم باقتحام 
مقر قيادة الجيش. : 
رفض يوسف صديق بالرغم من حالتة المرضية الحادة أن يفوته 
الاشتراك فى ذلك اليوم التاريخى الذى طالما انتظره وأقنع جمال 
بأنه سيؤدى دوره فى الثورة وإذا ساءت حالته فإن المستشفى 
العسكرى بكوبرى القبة على بعد خطوات من مقر القيادة العامة.» 
انتهت شهادة علية توفيق وبقيت شجاعة وتضحية البطل 
يوسف صديق لهذا الوطن وتقديم دمه وروحه من أجل إعلاء كلمة 
الوطن عالية مثل علمه ترفرف فى عنئان السماء.. 


يي 


الباب الثانى 
م : حقفقهة الثورة 


الفصل الأول 

ليلة عمرى 
لالالا 

الفصل الثانى 


الله وحده 
لالالا 


الفصل الثالت 


الخلاف والاستقلال 


«ليلة عمرى» هذا هو الاسم الذى سماه يوسف صديق فى 
مذكراته على يوم ثورة 5 يوليو. حقا هى ليلة عمره وليس 
عمره هو فقط بل عمر كل المصريين. جاءت التعليمات لكتيبة 
يوسف صديق بالتحرك للقاهرة لتنطلق منها للسودان لتأدية 
الخدمة هناك وذهبت القوة الإدارية أولا بقيادة يوسف صديق إلى 
معسكر بالقاهرة فى يوم ٠يوليو‏ وهئا اتصل به جمال عبدالناصر 
وأبلغه بأن ساعة الصفر ستكون يوم 55 يوليو وأن دوره سيكون 
احتياطيا لمساعدة القوى الأساسية:حيث إن القوة التى معه 
الآن فى القاهرة لم تكن الكتيبة كلها بل هى قوة إدارية أساسا 
تسبق الكتيبة وتسليحها بسيط وبها ستون جنديا فقط معظمهم 
من الحرفيين المتدربين وعلى الرغم من ذلك بدأ يوسف صديق 
بتجهيز رجاله وتدريبهم وبث الروح المعنوية فيهم وفرح أكثر 
عندما زَاره جمال عبد الناصر وعبدالحكيم عامر فى بيته بحلمية 
الزيتون وأخبراه بتقديم يوم ساعة الصفر إلى يوم 7/57 يوليو 
بعد أن وردتهم أئياء عن كشف خبرهم ومعرفة الملك بما ينوون 


عبد الرحمن» ليخبر يوسف صديق بأن ساعة الصفر هى الساعة 
الثانية عشرة منتصف الليل تماما وهنا لنا وقفة فقد كانت ساعة 
الصفر الساعة الواحدة صباحاً لا الثانية عشرة وهنا يحكى يوسف 
صديق ويضعنا معه فى حيرة بالغة حيث يقول إنه لا يعرف حتى 
الان : 

- هل أبلغه زغلول عبد الرحمن بالموعد خطأ؟ 

- أم أنه هو الذى سمع خطأ؟ 

- أم هى مشيئة الله؟ 

وأنا مع الثالثة فقد أراد الله أن يكون هذا الرجل كما سماه 
التاريخ الصادق هو الرجل الذى أنقذ الثورة فلولا هذا التحرك 
المبكر لتعرضت الثورة لإجهاض فورى وهو ما أكده خالد محيى 
الدين فى مذكراته حيث قال: 

«مرة أخرى كيف تسرب الخبر:؟ 

الحقيقة أنه تسرب من مصدرين ليس من مصدر واحد: 


عليه من انقلاب عليه وفى يوم 7 يوليو جاء. الضابط «زغلول 


أحد الضباط الأحرار وهو الملازم أول حسن محمود صالح 
ذهب مسرعا إلى زملائه فى سلاح المدفعية ليبلغهم أنه ذهب 
فى المساء إلى بيته ليرتدى زيه العسكرى فشكت والدته فى الأمر 


وكانت تعلم أنه ليس لديه خدمة فى هذا اليوم وأنه على علاقة 
بحركة ما.ء فأسرعت بإبلاغ أخيه اللواء جوى متقاعد صالح 
محمود صالح بشكوكها ليقوم بدوره بالاتصال بحيدر باشا فى 
الإسكندرية ليبلغه باعتقاده أن بعض الضباط ينوون عمل شى»ء 
ما الليلة. 

عرف ضياط المدفعية بهذا النبأ الصاعق الساعة السابعة مساء 
ولم يكن هناك أى مجال لتغيير أى خطط فقد سبق أن تم تقرير 
عدم الاتصال التليفونى بأى شخص وكان الجميع قد تفرقوا 
استعدادا لتحريك قواتهم وكل ما فعلوه هو أنهم أعادوا الضابط 
حسن صالح إلى بيته لعله يطمئن والدته ولعل هذه الطمأنينة 
تنتقل عبرها إلى أخيه ومنه إلى حيدر باشا. لكن الشك الذى 
دخل إلى قلب حيدر باشا لم يكن هناك سبيل لانتزاعه خاصة 
وأن معلومة أخرى من مصدر آخر قد عززت الشك لديه حتى 
أوشك أن يصبح يقينا. . 

فالضابط محمود شوقى وهو ابن خالة ثروت عكاشة وكان 
معنا. حاول أن يكسب فى هذا الوقت الحرج ضابطا آخر وهو 
اليوزباشى فؤاد كرارة فأبلغه بأن الجيش سيتحرك الليلة وأسرع 
كرارة ليبلغ الحكمدار أحمد طلعت حكمدار بوليس العاصمة الذى 
سارع بدوره بإبلاغ القصر. 


ع احم ب ب ب ب ب يد 


وهكذا بدأت ماكينتان فى الدوران.. كل منهما تريد أن توقف 
الأخرى وتشل فعاليتها ومن ثم تسيطر على القوات المسلحة 
ومن خلالها على مجمل الوطن ومستقبله - «نصر» خطتنا التى 
كانت محمولة فى قلوب رجال قرروا أن يهبوها حياتهم - الملك 
ورجاله وكبار ضباطه يتحركون هم أيضا. اللواء حسين فريد 
استدعى إلى قصر عابدين على الفور وكلف باستدعاء قيادات 
الجيش وتكليفهم بالتوجه إلى مواقعهم لفرض سيطرتهم عليها 
ويعقد اجتماعًا لأركان حرب الجيش فى قيادة الأركان بكوبرى 
القبة وقد وجهت الدعوة إلى قيادات الأسلحة والمناطق لحضور 
مؤتمر فى العاشرة. ولم يدع اللواء محمد نجيب إلى هذا المؤتمر بما 
يعزز الاعتقاد بأن السراى كانت تعتقد بأن اللواء محمد نجيب 
يقف خلف عملية التمرد الجارية لكن الدعوة وجهت إلى أخيه 
اللواء على نجيب قائد قسم القاهرة وعرف محمد نجيب من 
أخيه موعد المؤتمر والهدف من انعقاده. كانت عدم دعوة محمد 
نجيب مفيدة جدا لنا ألم أقل إن توفيق الله كان يحيط بنا بل 
ويلاحقنا فقد تناسب ذلك مع خطتنا التى ترمى إلى إبقائه فى 
منزله دون أية شبهه تحيط به إلى أن ننجح ثم نستدعيه لتولى 
القيادة كما كانت عدم دعوته فرصة لبقائه بالمنزلك كى يمتلك 


حرية الاتصال والإبلاغ عن الدلومات التى حصل عليها من أخي 
على نجيب وبالفعل نجم نجيب فى الاتصال بعبدالحكيم عامر 
ليبلغه بما حصل عليه من معلومات وكان نجيب صاحب فكرذ 
الإسراع باعتقال القادة المجتمعين بكوبرى القبة أثناء خروجهم 
نشل سيطرتهم وإفشال أية خطة للتحرك العكسى. 

كان الوقت متأخرا لتغيير أية خطط وكان إيقاف التحرك غير 
وارد على الإطلاق مهما كانت الأخطار بل إن إيقاف التحرك 
سيجلب أخطاراً مؤكدة بمحاكمتنا جميعا أما استمرار التحرك 
فهو الفرصة الوحيدة لتحقيق الانتصار. 

ولكن كيف يمكن اللحاق بهؤلاء القادة العسكريين الذين 
اجتمعوا فى العاشرة مساء بكوبرى القبة والذين لابد أنهم 
سيتلقون تعليمات عاجلة بالإسراع إلى معسكراتهم للسيطرة عليها 
قيل تحرك رجالنا؟». 

هنا الاجابة عن تساؤل خالد محيى الدين هى.. «يوسف 
صديق) فقد كان هو الحل الوحيد لهذه الأزمة التى وقعوا جميعا 
فيها وقتها. وأيضا أَرّحْ هذا الإنقاذ الإلمى للثورة الحوار الصحفى 
الذى أجرته صحفية الصنداى تايمز مع عبد الناصر حيث قال 


فيه : 


7 


«فى نحو العاشرة من مساء ١؟‏ يوليو جاء إلى بيتى ضابط من 
ضباط المخابرات وعضو فى جماعتنا وإن كنا لم نخطره بما اعتزمنا 
القيام به لتحذيرى بأن القصر قد تسرب إليه استعداد الضباط 
الأحرار للتحرك وأنه قد اتصل برئيس أركان حرب الجيش الذى 
دعى إلى عقد اجتماع عاجل فى الساعة الحادية عشرة لاتخاذ 
الإجراءات ضدنا «شملت العناية الإلهية الحركة كى تستكمل 
الثورة وهاهى ذى كتيبة يوسف صديق الصغيرة تتحرك وبمجرد 
خروجها من المعسكر تجد اللواء «عبد الرحمن مكى؛ قائد الفرقة 
المعسكرة بالهايكستب - والذى هم جميعا تحت قيادته - على 
الأبواب ولو دخل قبل خروجها من المعسكر لكان له الكلمة الأولى 
فقام يوسف صديق فورا باعتقاله وحبسه فى عريته واستجاب 
اللواء بهدوء للاعتقال وطلب التأمين على حياته وقد أمنه يوسف 
صديق واحتيسه دون أذى فى سيارته وانطلقت الكتيبة بقيادة 
البطل تشق طريقها بالحلم المصرى نحو الحرية والديمقراطية التى 
كان يأملها يوسف صديق وأثناء سير الكتيبة قابله الأميرالاى 
عبدالرءعوف عابدين وقام يوسف صديق ياعتقاله داخل السيارة 
أيضا ثم انطلق الموكب بقيادة البطل وبعد فترة من المسير راود 
الشك قلب البطل فلم يجد على الطريق أى لجان أو كمائن 


أو قوى عسكرية بقيادة أحد الضباط الأحرار أصدقائه مما يدل 
على ما اتفق عليه ويطمثنه ولم يكن يعلم وقتها أنه بكر بالموعد 
ساعة كاملة ولكنه قرر فى نفسه أن يحقق الحلم أو أن يهلك 
دونه حتى ولو بمفرده واتجه نحو مقر القيادة العامة للجيش 
يشق أسراب الشك والخوف وعند اقترابه من المقر فوجئ بتوقف 
الكتيبة فنزل من عربته ناحية شجار نشأ بين رجاله وبين اثنين 
بالملابس المدنية وعندما اقترب منهما فإذا بهما جمال عبد الناصر 
وعبد الحكيم عامر فأفرج عنهما من يد رجاله وذهبوا معا إلى مقر 
القيادة.. وهنا لنا وقفة مع الملابس المدنية فقد ذكر محمد نجيب 
فى مذكراته ما هو نصه «وللتاريخ أذكر أن يوسف صديق كان 
أشجع الرجال فى تلك الليلة وكان هو الذى نفذ عملية الاقتحام 
والسيطرة على مقر القيادة برغم أن دوره كان حسب الخطة حماية 
قوات الهجوم والوقوف كصف ثان وراءها وللتاريخ أيضا أذكر أن 
جمال عبد الناصر وعبدالحكيم عامر لم يقتربا من القيادة إلا بعد 
الاستيلاء عليها. كانا يقفان فى مكان جانبى قريب أمام سيارة 
عبدالناصر الأوستن السوداء وقد ارتديا الملايس المدنية ووضعا 
ملابسهما العسكرية وطبنجتين داخل السيارة ويمجرد أن أحسا 
بنجاح الاقتحام ارتديا الملابس العسكرية ودخلا القيادة؛ أما أنور 


السادات فكان أكثر منهم ذكاء إذ دخل ليلتها السينما وتشاجر 
مشاجرة مفتعلة وحرر محضرا بالواقعة حتى إذا ما فشلت الحركة 
نجح فى الخروج منها كالشعرة من العجين». وهذا ما ورد بعد 
ذلك فى مذكرات يوسف صديق أنه بعد الاقتحام استأذنه الضابط 
فى دخول اثنين من الضباط بالملابس العسكرية وهما عبدالناصر 
وعبد الحكيم عامر بعد تغيير ملابسهما وقد ذكر يوسف صديق 
موضوع الملابس المدنية هذا فى أبيات قصيدته «فرعون» على 
النحو التالى: 
ولا وقعت وعبد الحكيم بأسررجالى ومايعلمون 
فأنقذت روحيكما من هلاك ورحت بروحى ألاقى المنون 
وقد كنت يوم الوغى هاربا تخاف الظنون وتخشى العيسون 
وقد كنت مختفيا فى ثياب تباعد عنك مشار الظنون 
ولكن للأمانة التاريخية دافع خالد محيى الدين عن موضوع 
الملابس المدنية لعبدالناصر وعبدالحكيم عامر أنهما لم يكن لديهما 
قوات ليتحركا بها ورغبة منهما فى التحرك بحرية وضمان 
الاتصال بسهولة بأية قوات ويضيف أنه لم يكن هناك أى مجال 
للتخلص من المسئولية فى حال الفشل وخصوصا لشخص جمال 


عبد الناصر وهنا أنا أتركها لله فلا يعلم النوايا إلا الله.. 

وبعد أن مرت هذه الحادثة وفك يوسف صديق أسر عبدالناصر 
وعامر من يد رجاله: اتجهت القوة إلى مقر القيادة العامة وهنا 
وضع يوسف صديق الخطة كالتالى كما ذكرها فى أوراقه فقد قسّم 
القوة إلى ثلاث فصائل: 

الفصيلة(١):‏ تبقى فى عربة اللورى ولا تترجل وتسرع باللورى 
بالالتفاف من خلف القيادة لتصل إلى مكانها لتغلق الطريق عند 
باب السوارى لمنع تدخل أى قوات والقبض على أى ضابط من 
غير الضباط الأحرار وإرساله إلى المعتقل. 

الفصيلة (*): تبقى فى مكانها لقفل الطريق أمام الكوبرى 
عند نقطة التجمع لنع أى قوات آتية من ناحية مصر الجديدة 
أو كوبرى القبة والقبض على أى رتبة من غير الأحرار وإرسالها 

الفصيلة(؟): وهى الفصيلة المنوطة بالاقتحام وكانت تحت 
قيادة البطل يوسف صديق ولم تدم المعركة إلا ثلاث دقائق على 
الأكثر كما قدرها هو؛ فبمجرد انتهاء الذخيرة من أسلحة الحرس 
صعودهة للدور العلوى إلا جاويش واحد فقط شجاع وأمين - كما 


وصفه يوسف صديق - منعه من الصعود وتصدى له فما كان 
ليوسف صديق إلا أن يصيبه فى قدمه كى يفسح الطريق لتكملة 
عمله ولكنه علم بعد ذلك بوفاته وحزن عليه جدا.. 

وسؤالى هنا هل كانت تستحق هذه الثورة زهق هذه النفس 
البشرية أم أنها لا ترقى أصلا لتكون ثورة؟ ! 

حقيقة لا أعلم وأترك الإجابة لكل واحد منا ليبحث داخل 

وفى الدور الثانى من القيادة كان هناك اجتماع من الضباط فى 
مقر القيادة وخشى يوسف صديق من المقاومة وإزهاق أرواح أخرى 
وأيضا قوته قليلة فهى لا تتجاوز عشرة جنود بعد توزيع المهام 
وتقسيم الفصائل وبدأ القلق يراوده لثوان ولكن ما لبث أن ثبته 
الله بالضايط «حسن الدسوقى؛ على رأس قوة قد أرسلها «زكريا 
محيى الدين: ب١٠جنديًا‏ لساعدة البطل يوسف صديق وبمجرد 
اقتحام الدور الثانى وجدوا أربعة مناديل بيضاء توحى بالاستسلام 
وكانوا من القيادات فتم اعتقالهم بكل احترام بل إن يوسف صديق 
زاد مع أحدهم وكان مدرسا له فى الكلية وحيّاه وودعه بنفسه. 

وأثناء اقتحام مقر القيادة العامة كانت الفصيلتان ١و"‏ قد 
اعتقلتا الكثير من قوات الشرطة والجيش الذين تحركوا لإنقاذ المقر 
وإفشال الثورة. وهنا كما يقول يوسف صديق فلقد أمطرت السماء 


جنودا فمعظم الجنئود الذين تم القبض عليهم تحولوا إلى قوات 
يوسف صديق حيت ناداهة أحدهم وأخيره أنه يريد أن يشارك فى 
هذا العمل العظيم فحرره هو ورفاقه ووزع عليهم مهام الدفاع مع 
زملائهم وقد جاء إليه ضابط اخر ومعه قوة من الجئود وأخبره 
أنه مكلف أن يأتى إلى المقر وستأتيه التعليمات هناك فأخذه هو 
وجنوده ووظفهم أيضا فى خدمة الثورة وهنا أحس أنه يمتلك 
الآن قوة يستطيع أن يفعل بها شيئا وبعد نجاح الاقتحام احتاج 
البطل لقسط من الراحة على درج المقر بجوار «حسن الدسوقى» 
وبعد صمت قطعه يوسف صديق بسؤال لحسن «لماذا تأخر الضباط 
الأحرار فى التحرك؟ فأجابه حسن بأنه هو الذى تقدم ساعة 
كاملة وأن موعد ساعة الصفر الواحدة صباحا من يوم 7 يوليو 
وكانت هذه هى المفاجأة الكيرى ليوسف صديق فكانت هى 
أول مرة يعرف الموعد الحقيقى لساعة الصفر وهنا عنون يوسف 
صديق بعض الكلمات فى مذكراته بعنوان «الله وحدة» أتركها لكم 
لتستمتعوا بها دون تدخل. 


مالا 


أذهلنى الخبر الذى سمعته من (حسن أحمد دسوقى) بتحركى 
قبل الموعد المرسوم بساعة كاملة وجعلنى أستغرق فى صمت طويل 
أستعيد فيه تلك الليلة العجيبة. لقد تحركت قبل الموعد يساعة 
كاملة ومع ذلك فإننى كنت أدفع الخطر من على الأبواب» فلقد 
دفعت خطر دخول قائد الفرقة إلى المعسكر حيث كان له وحده 
الأمر والنهى والتصرف على قيد أمتار من بوابة المعسكر ثم كان 
لقاء الفصيلة )١(‏ مع رجال الشرطة العسكرية فى النقطة (ب) 
كذلك على قيد خطوات من مدخل القيادة العامة ومعنى وصولهم 
قبلنا وتعزيز قوة حرس القيادة كان لاشك سيزيد من صعوية 
موقفنا ويؤثر فى سرعة احتلالنا (للقيادة العامة) والذى لاشك 
فيه أن الخطة التى كانت قد رسمت فى رأسى لتحرك الفصيلة 
)١(‏ باللورى لتجنب الاشتياك مع حرس القيادة كانت ستعطى 
فرصة لرجال الحرس من تأدية مهمتهم التى كانوا قد أرسلوا 
لتأديتها وأن تغيير ذلك بالتحرك (بالخطوة السريعة) من يسار 


: 


الطريق هو الذى هيأ للفصيلة الحيلولة دون ذلك ولو أنه أفسد 
على الاستمتاع بحنكتى فى وضع الخطط. وهكذا رأيت أن الله 
سبحانه وتعالى قد تولى تصحيح تدبير الضباط الأحرار وتدبيرى 
وكان تدبيره وحده هو الذى يتم وأننا لم نكن سوى أدوات تتحرك 
لتنفيذ هذا التدبير. تدبير مدبر الأمر العزيز الحكيم. 

والأمر كله إذا تدبرناه مليا فإننا لن نختلف على أن كل 
نجاح صادفناه فى تلك الليلة إنما جاء نتيجة (خطأ) وقعنا فيه 
فى تدبيرنا فخروج ساعة قبل الموعد كان (خطأ) لا شك فى ذلك 
فإن الخطة العسكرية توضع متماسكة متكاملة فتحرك قوة قبل 
موعدها بساعة كاملة قد يربك العمل ويعرضه لأخطاء جسيمة 
مثله فى ذلك مثل التأخير وربما كان فرق دقائق قليلة مؤثرا 
فما بالك بساعة كاملة٠دقيقة!‏ » وكان الخطأ الثانى وهو نزول 
الجنود بحماس من اللورى عند نقطة إصدار الأوامر بما فيهم 
الفصيلة )١(‏ التى كنت قد دبرت وصولها باللورى من خلف 
مبنى القيادة لتجنب الاشتباك مع حرس القيادة هذا النزول 
بدون أوامر كان خطأ لأن كل شىء فى الجندية بالأوامر ونا 
كانت طبيعة الأمر تقول بأن (الخطأ) يوصل إلى (الفشل) غير 
أن حوادث الليلة بينت بوضوح أن الخطأ لم يوصلنا إلى النجاح 


فحسبء بل إنه كان (الحل الوحيد) الذى بنى عليه النجاح 
وهكذا كان الله وحده هو الذى دبر وقدر فى هذه الليلة التى 5 
أغالى حين أسميها (ليلة عمرى) وكيف لا تكون ليلة عبرى ليلة 
قضيتها مع الله وكنت فى طاعته ورضاه؟ وأفقت من جولتى فى 
أحداث تلك الليلة على أزيز محركات الدبايات التى كانت تعنى 
تحرك القوات الأخرى ولم أسمع فى حياتى صوتا أجمل وأحلى 
من صوت أزمز المحركات العالية مع ما فيه من نشاز مزعج 
وقمت ومعى الأ (حسن أحمد الدسوقى) لنجلس فى مكتب 
القيادة ولم تمض دقائق حتى جاء حارس من رجال الشرطة 
العسكرية ليخبرنى بوجود ضابطين على الباب يريدانى وأن 
أحدهما هو (البكباشى جمال عبد الناصر) وأذنت لهما بالدخول 
وكانا فى هذه المرة يرتديان الملابس العسكرية وهكذا انتهت الليلة 
المجيدة الخالدة (ليلة عمرى). 
ونجحت الثورة 

بعد اقتحام مقر القيادة العامة للجيش والسيطرة عليه تحرك 
محمد نجيب إلى الأسكندرية ليحاصر الملك فى قصره ويجبره 
على التنحى وبعد مفاوضات ونقاشات تم إجبار الملك فاروق 


بالتوقيع على وثيقة التنازل عن عرش مصر التى أعدها عبدالرازق 
السنهورى وتم إقناعه بالسفر خارج البلاد ووافق حقنا لدماء 
الشعب المصرى - كما ذكر هو - ولم يكن نجيب أبخّل منه بل 
وافق على طلباته حيث حياه ب 5١‏ طلقة مدفعية وتم عزف 
السلام الوطنى ودار نجيب بقاربه حول باخرة الللك وأدى له 
التحية العسكرية بل ذهب وسلم عليه يدا بيد وودعه وهكذا 
أخريج نجيب ورفاقه اللك بشكل مشرف من مصر وهذا ما تمناه 
نجيب وشرفاء الضباط الأحرار بعد ذلك حين أراد الأشرار 
التخلص منهم ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه فلم يلقوا 
المعاملة الكريمة بعد استقائتهم من مجلس قيادة الثورة بل اعتقلوا 
وأهينوا هم وأهلهم ومنهم من نفى ومنهم من اغتيل. 

ومن الطرائف التى يحكيها يوسف صديق بعد الثورة مع 
رَغْلول عبدالرحمن الذى أبلغه بالميعاد أنه كلما قابله وسأله عن 
سبب الخطأ فى موعد ساعة الصفر يبتسم زغلول وا يجيب . . 

المهم نجحت الثورة أو الانقلاب الذى رضى به الشعب 
وتشكل مجلس قيادة الثورة من ١4‏ شخصية هم: جمال 
عبدالناصر وعبدالحكيم عامر وأنور السادات وصلاح سالم وجمال 
سالم وخالد محيى الدين وعبد اللطيف بغدادى وكمال الدين 


حسين وحسن إبراهيم ويوسف صديق وعبدالمنعم أمين وزكريا 
محيى الدين وحسين الشافعى ورأس محمد نجيب المجلس ثم 
بعد ذلك رئاسة الجمهورية وكان البطل يوسف صديق من أحد 
رجال هذا المجلس الأنقياء الذين دائما ما انحازوا إلى معسكر 
الحق أينما وجد ولكن معسكر الشر كان أقوى وأشد. 


لالالا 


الفصل الثالتث 


الخلاف والاستقالة 


بدأ معسكر الشر فى التحرك بكل قوة وسرعة ضد من عارضه 
وقاموا بعدها باعتقال كل من عارضهم وتشريد كل من خرج 
فى مظاهرات ضدهم بل وقد تصل إلى الإعدام مثل عمال كفر 
الدوار خميس والبقرى. وقام المجلس باستقطاب رجال الدستور 
لتفصيل وتبرير القوانين والقرارات حسب إرادة المجلس فقد ألغى 
المجلس دستور 1١97‏ وحل الأحزاب ووضع قانون الأحزاب 
المكبل للأحزاب والإعلان عن فترة انتقالية يقود فيها المجلس 
البلاد لحين تأسيس حياة ديمقراطية جديدة ووزع المجلس رجاله 
للإشراف على الوزارات ونال كل واحد منهم وزارة أو اثنتين 
وقام بشن حملة اعتقالات موسعة فى يناير 568١م‏ لكل القيادات 
المناهضه له شملت ١4‏ شخصا من قيادات الأحزاب والعديد 
من الحركات الأخرى وقام المجلس بتهميش الضباط الأحرار 
الموجودين خارج المجلس على الرغم من إخلاصهم ومشاركتهم 
فى كل أعمال الحركة منذ نشأتها حتى قيام الثورة بل وصل الأمر 


إلى اعتقال الضباط المعارضين كضباط المدفعية الذين اعترضوا على 
تصرفات المجلس وتم اعتقالهم وإيداعهم السجون. 

وهنا لم يستطع يوسف صديق تغيير هذه القرارات فقد كان 
القرار بالأغلبية داخل المجلس وكان دائما الحق أقلية بداخله 
فلم يستطع التحمل وقدم استقالته فى يناير 190#م لتصبح 
أول استقالة قارئة للمستقبل متحدية للظلم والاستبداد منادية 
بالديمقراطية والمدنية وصمم يوسف صديق على الاستقالة على 
الرغم من تدخل الكثيرينٌ لمنعه من تقديم الاستقالة لكنه أصرّ 
وأعلن موقفه واضحًا وصريحًا للجميع ليبن تمسكه بالديمقراطية 
وليخلى مسؤليته أمام الله والتاريخ من هذا الغدر الذى يحاك 
لهذا الوطن البرىء والذى عشنا مرارته طوال هذه السنين التى 
حكمنا فيها العسكر. فقد كان يوسف صديق يرى من الوهلة 
الأولى أن دورهم سينتهى عقب الانقلاب وأنهم سيسلمون البلاد 
مباشرة لقوى مدنية تقوم بتحمل المسئولية بعد أن يقوموا بالرجوع 
لثكناتهم وهو ما أكد عليه فى خطابه لمحمد نجيب بعد الاستقالة 
يحثه فيه على تكوين حكومة اثتلافية من كل الأطياف السياسية 
بمن فيهم الإخوان والشيوعون ودعوة البرلان المنحل لتولى حقوقه 
الشرغية وهنا نستطيع أن نتعرض لأسباب الاستقالة كالتالى: 


الخلاف حول الديمقراطية 

-١‏ السبب الأول لاستقالة يوسف صديق يتمثل فى نكران مجلس 
قيادة الثورة لمبادئ الضباط الأحرار التى وضعوها والتى لم يقرأها 
البعض منهم كما ذكرنا وكفنوطا المبادئ المتعلقة بالديمقراطية » 
وهو ما وضحه موقف يوسف صديق فى الخلاف القائم على عودة 
عمل البرلان المنحل بعد طرد الملكث» حيث إنه بعد طرد الملك 
وتكوين مجلس قيادة الثورة كان على المجلس تحديد نظام الحكم 
للبلاد فاقترح البعض رجوع البرمان المنحل للعمل وتوليه مهام 
الدولة وكان من أشد المؤيدين لهذا الرأى البطل يوسف صديق 
وذلك خوفاً منه على مصلحة البلاد وحرصاً منه على سرعة 
رجوع الجيش إلى ثكناته دون التوغل فى الحياة السياسية وسرعة 
البدء فى حياة ديمقراطية ولكن للأسف كان على الجانب الآخر 
معسكر الشر الذى دبّر وخطط ورفض هذا الاقتراحم بحجة عدم 
الدستورية واعتبر هذا 0 غير دستورى ورفض عودة البرلان 
والحكومة. وبالفعل استقر الرأى على عدم دعوة البرئان المنحل 
للرجوع للتمهيد لأولى خطوات الديكتاتورية عن طريق السيطرة 
على السلطة التشريعية ثم اتباعها بالسلطة القضائية (كما سيأتى) 


والتأسيس والتأصيل للاستبداد والظلم. وكان هذا الخلاف هو 
أول نقطة خلاف بين يوسف صديق ومجلس قيادة الثورة فى 
التصدى لخططاتهم ونواياهم السيئة. 
الخلاف حول الدستور وتفصيل القوانين 

؟- الخلاف الثانى الذى نشأ بين يوسف والمجلس كان بسبب 
تعطيل الدستور أو سقوط الدستور بحجة أنه غير صالح ومملوء 
بالثغرات ولا يليق بمصر ما بعد الثورة. وقد كانت هذه الحالة كما 
قالها السابقون كلمة حق أريد بها باطل فهو حقاً دستور كان به 
عيوب كأى دستور وضعى ولكن كان من الممكن تعديله أو الاستمرار 
عليه حتى عمل دستور آخر بعد انتخاب برلمان أو جمعية تأسيسية 
لكن ها هوذا الباطل المراد يظهر ليحكم مجلس قيادة الثورة بلا دستور 
وقد واجه يوسف صديق هذا التوجه وعارضه بشدة ولكن لا حياة لمن 
تنادى. , ١‏ 

؟- استمر ترزية القوانين ومستشارى الثورة فى تفصيل القوانين 
على مقاس الديكتاتور فكانت التفصيلة التالية هى قانون تنظيم 
الأحزاب وإن شئت فقل قانون تصفية الأحزاب والتمهيد لحكم فردى 
استبدادى بلا أحؤاب. هنا انضم خالد محيى الدين إلى صديقه يوسف 
ليعترضا بشدة على هذا الاغتصاب اللمنهجج ولكن دائما ما كان معسكر 
الشر أقوى وأشد. 


الخلاف حول الحرية 

4- جاء وقت الصدام ففى أغسطس 57م قام عمال الغزل 
والنسيج بكفر الدوار بعمل مظاهرات واسعة احتجاجا على 
وضعهم المزرى مطالبين بحقوقهم فى الحياة الصونة والعمل 
الكريم والحقوق العمالية المتعارف عليها مما أثار بلبلة فى البلاد 
لكن الجلاد كان أقوى وأظلم. فقد أقام مجلس القيادة محاكمة 
عسكرية لرموز العمال الذين نظموا هذه المظاهرات ووزعت 
الأحكام عليهم سريعاً وكان من نصيب العامل مصطفى خميس 
والعامل محمد البقرى حكم الإعدام ولكى ينفذ هذا الحكم عليهما 
كان لابد من موافقة جميع أعضاء مجلس قيادة الثورة لكن كان 
هناك رفض من بعض الأعضاء منهم من انقلب سريعا وغير رأيه 
ووافق إرضاءً لمعسكر الظلم ومنهم من أصر على الرفض ودافع 
وكان البطل يوسف صديق على رأس المعارضين الرافضين لحكم 
الإعدام ولكن على الرغم من ذلك فقد تم تنفيذ حكم الإعدام فى 
العاملين خميس والبقرى ليزداد الخلاف ويتسع الشرخ. 

ه- أكمل المجلس المسير نحو الديكتاتورية فاعتقل المعارضين 
للمجلس وبدأ يراقب ويهدد السياسيين الأحرار كما قام بغلق 
بعض الصحف واعتقال مواطئين بدون محاكمات ليذيح قط 
الحرية مبكرا وبالطبع هذا لم يرض يوسف صديق.. 


5- بعد كل هذه التصرفات الديكتاتورية ثار فريق من 
الضباط المخلصين من سلاح المدفعية على هذه التصرفات وبدأوا 
يعرضون وجهات نظرهم وآرائهم المناهضة للمجلس بل ووصل 
الأمر بهم أن اقترحوا أن يكون أعضاء مجلس قيادة الثورة 
بالانتخاب ليمتلك الشرعية وهذا الرأى قد وافق هوى يوسف 
صديق فوقف بجانبه وكان مع كل مطالب ضباط المدفعية الأحرار 
الذين لم يطلبوا إلا الديمقراطية والحق و«المساواة ولكن للأسف 
حدثت طامة كبرى فقد تحرك مجلس قيادة الثورة بشكل بشع 

ارا بآمالهم عرض الحائط ليفعل فعلة شنيعة فى تاريخ الجيش 
المصرى. فقد اعتقل الضباط برتبهم وملابسهم العسكرية وأودعهم 
السجون مكبلين بالقيود دون تحقيق أو محاكمات. هنا ثار 
يوسف صديق ثورة عارمة على المجلس ولم يستطع أحدهم أن 
يهدأه ووصفهم بالديكتاتورية ونهرهم على هذه الفعلة الشنعاء ولم 
يستطع المسير مع هؤلاء فى هذه الرحلة الدامية ليقدم أول استقالة 
من مجلس قيادة الثورة أول استقالة قارئة للمستقبل متحدية 
للظلم والاستبداد والديكتاتورية فى ١١‏ 0 هوام محتوية 
على هذه الكلمات الخالدة الموجهة إلى محمد نجيب الا أقبل 
أن أهدمك على أيديهم لما بينى وبينك من حب صادق ولا أقبل 


أن أهدم مصر على يديك لما بينى ويينها من عهد قديم» وحاول 
أصدقاؤه أحمد فؤاد ومحمد نجيب وكمال الدين حسين إقناعه 
بالعدول عن استقالته لكنه أصرّ على موقفه ورفض أن يشارك فى 
حكم مصر بهذه الطريقة ويتعرض الأستاذ محمد توفيق للاستقالة 
ويقر بأنه قدم ثلاث استقالات كالتالى: 
الاستقالة الأول 

فى يناير '56ام عقب القبض على ضباط المدفعية ووضعهم 
فى السجن وقد قدمها إلى اللواء محمد نجيب الذى كان وقتها 
رئيس مجلس قيادة الثورة وكانت عبارتها الأخيرة تقول «إننى 
لا أقبل أن أهدمك على أيديهم لما بينى وبينك من حب صادق 
ولا أقبل أن أهدم مصر على يديك لا بينى وبينها من عهد قديم» 
لذلك أرجو قبول استقالتى. 
الاستقالة الثانية 

أكد بها إصراره على استقالته الأولى وهو فى منفاه بأسوان فى 
أواخر فبراير 981١م.‏ 
الاستقالة الثالئة 


أرسلها فى برقية مفتوحة إلى اللواء محمد نجيب عقب وصوله 


وعودته إلى مصر سراً من منفاه ومعه زوجته وطفلاه وقال فى نصها 
«وصلت إلى بلدتى وأطلب تسوية حالتى وقبول استقالتى» وكان 
ذلك فى أغسطس سنة 150١م‏ وكانت هذه الاستقالة من الجيش 
كله- فى عمل غير مسيوق أن ترسل مثل هذه الاستقالة إلى رئيس 
الدولة فى برقية مفتوحة أرسلها الأستاذ محمود توفيق من مكتب 
تلغراف مدينة الواسطى. 


لان 


الباب الثالت 
مايحد الثورة 


الفصل الأول 
النفى والإبعاد 
مده 
الفصل الثانى 
أزمة مارس 1505 
ه00 
الفصل الثالث 
الاعتقال 
0ه 
الفصل الرابع 
أخلاق الفرسان 
0-0 
الفصل الخامس 
على طريق الرحيل 


المستبد المعكوسة التى أوضحها عبد الرحمن الكواكبى فى كتابه 
(طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد) حيث يقول «كلما كان 
المستبد حريصاً على العسف احتاج إلى زيادة جيش التمجدين 
العاملين له والمحافظين عليه واحتاج إلى الدقة فى اتخاذهم 
من أسفل السافلين الذين لا أثر عندهم لدين أو وجدان واحتاج 
لحفظ النسبة بينهم فى المراتب بالطريقة المعكوسة وهى أن يكون 
أسفلهم طياعا أعلاهم وظيفة وقربا». وبالضيط سار عبد التاصر 
ومجلسه على هذا النهج من تقري يب الأشرار وتوقييرهم وتنصيبهم 
على العباد واليلاد وإبعاد الأخيار ووصل الخلاف ذروته وقالها 
عبد الناصر للجميع «مغفيش قعاد هنانء ونفوا البطل يوسف صديق 
خارج البلاد كما فعلوا يخالد محيى الدين فيما بعد عندما اختلف 
معهم وتم نفيه بعدها بعام كامل تأخر فيه وضيّع وقته ظناً 
منه بأنه يستطيع أن يغير هذه النفوس. لكن يوسف صديق 
كان أكثر رؤية منه فقد سيقه فى الخلاف بحوالى عام كامل 


وهذا يرجع إلى طبيعة كل منهما كما أوضحها أحمد حمروش 
أحد الخباط الأحرار وهو يصف يوسف صديق بأنه أكثر صراحة 
وانفعالاً بينما كان خالد محيى الدين أكثر هدوءًا ومرونة. وهذا 
هو سبب تأخر استقالة خالد محيى الدين لمدة عام كامل بعد 
استقالة يوسف صديق..زاد الخلاف واتسعت الفجوة وهنا تدخل 
بعض الضباط للتهدئة ومحاولة الوصول لحل وسط حتى جاءت 
التعليمات بإبعاد يوسف صديق من المشهد وعدم رجوعه حتى إلى 
صفوف الجيش حتى لا يثير الضباط ويحمّسهم ويجعل الجيش 
يطالب مجلس القيادة بالاستقالة اقتداءً بيوسف صديق والرجوع 
إلى ثكناتهم لذلك كانت فكرتهم هى إبعاد يوسف صديق عن 
المشهد تماماً وذلك عن طريق إبعاده إلى أسوان بحجة الراحة 
والاستجمام بها لفترة غير معلومة من الزمن وحيدا كى تهدأً 
أعصابه ويستريح جسمه وفكره من عناء السياسة وبالفعل أرسلوا 
له بعض الضباط فى قريته زاوية المصلوب التى عاد إليها بعد 
تقديم استقالته ليستريح بها ويكمل فيها بقية حياته كى يأخذوه 
إلى منفاه الجديد بأسوان وقبل يوسف هذا المنفى المجمّل وذهب 
معهم دون صدام يذكر فى حين طلبوا هم منه التماس العذر لهم 
حيث إنهم كانوا من تلاميذه وضباط كتيبته التى قاد بها اقتحام 


مقر القيادة العسكرية وأيضاً كانوا هم عند حسن ظنه ولم يعاملوا 
قائدهم البطل طوال مدة الإبيعاد هذه إلا بكل احترام وتقدير. فقد 
تركوا له مكانهم فى الاستراحة حينما وجدوا زوجته قد حضرت 
معه واستأجروا مكانا آخر بجواره للسكن فيه.. 

وفى هذه الرحلة القصيرة ظهر معدن الزوجة النفيس (ينت 
البلد) وهى تقف بكتف زوجها فقد أحست بالقلق عليه وراودها 
الشك والخوف على زوجها الحبيب فجهزت ملايسها وحقائبها 
ونوت السفر وما أن وصل يوسف صديق والضباط الحراس المرافقون 
له حتى وجدوا زوجته علية توفيق مصطحبة معها أولاده وفى 
انتظارهم فى محطة أسوان فقد سبقتهم بالقطار إلى هناك حيث 
عرج يوسف ورفاقه على مديرية بنى سويف أولاً ثم سافروا منها 
إلى أسوان. 

اجتمعت الأسرة فى منفاها بأسوان وبعدها مباشرة تم القبض 
على زوج ابنته الأستاذ «محمود توفيق» كنوع من الضغط عليه 
للتنازك عن مبادثه وأفكاره لكنهم لم يكونوا قد فهموا يوسف 
صديق حتى الآن وأظنهم لم يفهموه حتى بعد مماته. 

مكثت الأسرة حوالى شهرًا ونصف الشهر فى إحدى 
الاستراحات الحكومية ثم عادت للإقامة الجبرية والحراسة 


المشددة فى منزلها بحلمية الزيتون ومن الغريب الذى يحكي 
ابنه حسين يوسف صديق أن والده بعد سنوات فوجئ بخطاب 
من هذه الاستراحه الحكومية تطالبه بثمن الإقامة التى قضاه 
فيها فأرسل يوسف الخطاب إلى جمال عبدالناصر قائلا: «مند 
متى يدفع المعتقل إيجار معتقله.. أظنك أولى بهذا الأمر منى». 
ورجعت عائلة يوسف إلى بيتهم بحلمية الزيتون بالقاهرة وذلك 
للالتحاق بالدراسة لأن الإجازة كانت قد انتهت وتركوا يوسف 
وحيدا ولكنه مع الضغط والإصرار استطاع أن يلحق بهم بعد 
أسبوعين بالقاهرة حيث كان قرار النفى فى انتظاره فقد زاره 
جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر بمنزله ونصحوه بالسفر 
إلى سويسرا بحجة العلاج فى مارس140م لحين تهدئة الأمور 
واستقرار البلاد والحفاظ على وحدة الصف وأخبروه أنه سوف 
يعود بعد ثلاثة أشهر ليمارس عمله بالجيش وبعد مضى ثلاثة 
أشهر كانت من أصعب الشهور التى قضاها يوسف صديق فى 
حياته وخيداً غريبا يدا فى بلاد لا يعرف فيها أحدًا ولا 
يعرفه أحد ولا يشاور عليه أحد ويقول هذا هو البطل أو هذا هو 
منقذ الثورة لم يتوقع يوسف هذا المصير المؤلم من الغربة والتشرد 
والتهميش فقد عانى من ألم المنفى بكل ما تحمل الكلمة من معنى 


.لمنفى المعنوى والمادى وبعد تحمل هذه الشهور الثلاثة الكثيبة 
فى عمر يوسف صديق طلب يوسف الرجوع إلى وطننه فظلوا 
بماطلون ويماطلون وفى النهاية رفضوا وأبلغوه أنه غير مرغوب 
فيه داخل مصر.. 

ثم بعد ذلك طلب أن يكون منفاه فى أى بلد عربى كى 
يخفف من حدة الغربة ولو القليل فعرضوا عليه على سبيل «إطعم 
الفم تستحى العين؛ أن يكون سغفيرا فى الهند أو أن يوفروا 
له أى منصب دبلوماسى خارج مصر بشرط أن يبتعد عن مصر 
وسياستها وينسى أفكاره ويبيع مبادئه لكنه رفض بشكل قاطع 
ثم تم نقله إلى لبنان كمنقفى عربى - كما طلب - وأثناء تواجده 
بلبنان دبر عبد الناصر حيلة ماكرة لزوجته علية توفيق من خلال 
جهاز مخابراته ققد اتصلوا بها تليفونيا وقال المتحدث لها: 
«لقد مات يوسف صديق» ثم قفل الخط وانتهت المكالمة ليضعوا 
الزوجة المسكينة فى موقف لا تحسد عليه فقد دارت الشكوك 
فى صدرها وسريعاً ما اتصلت بكل القيادات التى تعرفها لتتأكد 
من صحة الخبر الذى سمعته ولكنها لم تجد من يروى ظبأها 
ويطمثنها على زوجها فقررت أن تتصل بجمال عبد الناصر فى 
بيته وبالفعل تلقت التليفون واتصلت به ولكن ردت عليها زوجة 
جمال عبدالناصر ليدخلا فى حوار جدلنى أدى إلى مشادة كلامية 


عرف بها عبد الناصر وأحس منها أنه وصل لهدفه من إثارة قلق 
علية توفيق على زوجها هنا تدخل بالجزء الثانى من الحيلة 
الماكرة وعرض على الزوجة علية توفيق هى وأولادها السفر إلى 
زوجها فى لبئان للاطمثنان عليه والإقامة معه ومساندته فى 
هذه الفترة الصعبة من حياته فما كان من علية توفيق إلا أن 
وافقت على هذا العرض للاطمئنان على زوجها خصوصاً بعد ما 
سمعت الكثير من الاشاعات عن اغتياله فى هذه الفترة وبالفعل 
ذهبت لزوجها يوسف صديق فى لبنان وبذلك يكون قد ضرب 
عبد الناصر عصفورين بحجر واحد. فقد استراح من علية توفيق 
روضاطيا السياضى العارضي فى فصر وفي ننس الوايت أرسل إلى 
يوسف صديق عائلته معه فى منفاه عسى أن تشعره بالاستقرار 
وتقبل الوضع الحالى على ما هو فيه ولكن هيهات فيوسف صديق 
شخصية صعيدية عنيدة رفض الاستسلام للنفى وعاد سرا إلى مصر 
وذهب إلى قريته الصغيرة زاوية المصلوب ليبقى مختيئا بها لفترة 
قصيرة وكان يداعب زوجته فى هذه الفترة بعد رجوعه سراً ويقول 
«كانوا يريدون أن يدفنونى فى تاج محل بالهند لكنى رفضت فأنا 
لن أدفن إلا فى قريتى زاوية المصلوب» ولم يخبر أحدا بعودته إلا 
أقاربه وبعض أصدقائه المقربين كمحمد نجيب فيمجرد نزوله إلى 
مصر أرسل إليه خطابًا يعلمه بقدومه وأنه يمكث فى قريته فقد 


كان بين الاثذين مودة ومحبة ولدتها سنوات الجيرة فى حلمية 
الزيتون وأيضاً تقارب آراء ووجهات نظر ولدتها مبادئ الإيمان 
بالحرية والديمقراطية. 

وفى أثناء هذه الفترة بزاوية المصلوب عقب هروبه من المنفى 
ببيروت علم عبد الناصر بهروبه وإقامته بالقرية فضرب عليه 
الإقامة الجبرية وجاء مأمور مركز الواسطى ليبلغه بأن جمال 
عبد الناصر وزير الداخلية قد فرض عليه الإقامة الجبرية بمنزله 
بالقرية وعليه الالتزام.. 

فحزن يوسف صديق أشد الحزن بل حرّنت القرية كلها وانتشر 
رجال وشباب القرية يواسون عزيزهم يوسف صديق ويساعدون 
أصدقاءه المتنكرين الذين جاءوا ليزوروه سراً بعيداً عن أعين رجال 
البوليس فانتظروهم على كبارى البلد وأدخلوهم من داخل الغيطان 
وألبسوهم ثياب الفلاحين حتى يستطيعوا أن يصلوا للبطل يوسف 
صديق دون مشاكل ودون أن يعرفهم أحد وعلى الرغم من ذلك فقد 
استعدت القرية بالكامل للدفاع عن ابنها يوسف صديق بالسلاح 
حتى ولو كلفها ذلك الدم ولكن مرت الأمور بهدوء ودون مشاكل 
ولم يلبث أن انتهت الإجازة الصيفية وبدأت الدراسة فانتقل هو 
والأسرة إلى بيته فى حلمية الزيتون ليعيش تحت الإقامة الجبرية 


وحراسة مشددة من البوليس الحربى جعلت تحركات البيت كله 
إن وجدت تكون بحساب. 
وفى هذه الفترة زاره الكثير من الضباط لمحاولة التقريب ووأد 
الفتنة لكنه قبل أى حوار دون التنازل عن أى ميدأ» ولذلك باءت 
كل المفاوضات بالفشل وفى أثناء فترة النفى خارج البلاد سطر 
الشاعر يوسف صديق هذه الفترة فى قصيدته «من الجنة» قائلا: 
أنا من بلاد رواها النيل فى كرم 
وفى وفاءٍ كساها أجمل الحلل 
فيها الجمال وفيها السحر من قدم 
كم أوقعت فى شراك الحب من بطل 
بشوشة فى وجوه الضيف تسعدهم 
فيها الحياة وتبكى كل مرتحل 
حتتى لقد ظن بعض الغافلين بها 
سوء الظنون وقالو إن تطب تنل 
فأبعدونى إليكم ألف مغفرة 
لأهل مصر وإن هم شوهوا عملى 
يا أخت إنى تُهِيدٌ جئت جنتكم 
هل فى الجنان يداوى الداء بالشعل 


أجر الشهيد سألت الحسن فى وله 

وفى الجنان نعيمٌ غير مبتذل 
لا تحرمينى رضاب فى عذويته 

شىء من النيل فى طيف من الأمسل 
يامصر إنى ونار الشوق تفتك بي 

على البعاد لأدرى أن حبك لى 
فمن فتاك الذى إن سل صارمه 

حل القضاء به فى أبرع الحيل 
إن الجللاء الذى تبغيئه أربٌ 

يال بالسينف لا يرجدى من الدول 
فلا يغرنك وعد لا وفاء له 

كم من خصومك من لؤْم ومن مطل 
لسوف يأتيك يوم تهمتفين يه 7 

يا للرجمال وأين اليسوم لى رجلي 
لبيك ياامإنى غير مبتعدر 

إلا لأكفيك شر الدس والدجسل 
أنا الوفى الذى لم يثنه دمه 

ينساب من صدره عن يومك الحفل 
لم يكفنى شرفاً أن كنت شاهده 

بل كنت فيه فتسى فتيانه الأول 


الفصل الثانى 
أزمة مارس :150 

نجح الانقلاب الذى أيده الشعب بسرعة فائقة ووقف بجانبه 
لكى يتحول إلى ثورة تسطر فى تاريخ مصر خصوصا عندما علم 
يمبادئهم التى أعلنوها فى بداية حركتهم والتى كانت كالتالى: 

- القضاء على الاستعمار والجلاء الفعلى لكل جندى أجنبى 
من مصر. 

- القضاء على الإقطاع بكل صورة. 

- القضاء على سيطرة رأس المال على الحكم. 

- يناء جيش وطنى قوى يدافع عن كل شبر من أرض الوطن 
ويقف فى وجه أى معتد. 

- تشييد حياة ديمقراطية جديدة على أسس حديثة وسليمة. 

- العمل على إقامة عدالة اجتماعية داخل المجتمع أعجب 
الشعب بهذه الشعارات الرنانة واللمبادئ الوهمية. فلم يكن يتصور 
أن هذا كله كلام على ورق ربما لم يقرأه حتى الكثير من الضباط 
الأحرار أنفسهم. 

خدع الشعب وأعجب بشعار «ارفع رأسك يا أخى» وقبل 


الانقلاب وأيد مجلس قيادة الثورة يكل قوته حتى ظهرت 
ملامح الديكتاتورية فقد حل المجلس الأحزاب وألغى الدستور 
وأعلن فترة انتقالية يمهد بها لحياة عسكرية طويلة الأمد وأصدر 
قراراً بحل جماعة الإخوان السلمين: وبدأ الكلام يكثر عن 
فساد الضباط والأموال السرية والتمهيد لتكوين دولة المخابرات 
والفضائح الجنسية والمحسوبيات والرشاوى وغيرها وغيرها.. 

ثم جاءت القثة التى قصمت ظهر البعير وهى استقالة محمد 
نجيب الأولى التى أعلن المجلس قبولها فى ١‏ من شهر فبراير 
على لسان صلاح سالم فى بيان ركيك اللغة بذىء الأسلوب 
سطحى الأسباب كل هدفه التقليل والتشويه لشخص نجيب 
مما جعله مادة سخرية للشعب وبالطيع لم يصدق الشعب أى 
حرف مما قيل فيه بل يذكر خالد محيى الدين أنه سمع أمام 
أحد المحال رجلا بعد سماع البيان يقول «دول طلعوا ولاد كلب» 
وجاء فيه أيضا استمرار مجلس القيادة برئاسة جمال عبد الناصر 
وتوليه رئاسة الوزراء أيضا.. 

وغضب ضباط اللمدفعية بالجيش أشد الغضب وثاروا فى وجه 
المجلس وأبلغوه برفضهم وطالبوا بعودة نجيب وعودة الحياة 
النيابية. وهكذا غضب الشعب وغضب رجال بالجيش وتوحدت 


القوى الوطنية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار وخرج الشعب. 
فى مظاهرات مناديًا بإلغاء هذه القرارات التعسفية الظالمة واهتزت 
القاهرة بزئير هؤلاء المخلصين الخائفين على مستقبل مصر وحدث 
الانقسام المتوقع فى صفوف الجيش بين مؤيد ومعارض لنجيب 
«الحبص كاد د ع بجوي لز كان عار من ل 0 
أنه وافق على سحب هذه القرارات تهدئة للشعب الثائر ومكرا 
وتربصاً به وبالفعل أعلن المجلس بياتاً نصه: 

«حفاظا على وحدة الأمة يعلن مجلس قيادة الثورة عودة 
اللواء أركان حرب محمد نجيب رئيساً للجمهورية وقد وافق 
سيادته على ذلك؛ فرح الشعب أشد الفرح بهذا القرار وخرج فى 
مظاهرات احتقفالية بعودة نجيب والإحساس بوضع أول قدم على 
طريق الديمقراطية ومهنئين لانتصار الديمقراطية فى هذه الجولة 
ولكن حاول البعض إفساد الفرحة كما يحكى محمد نجيب فى 
مذكراته : 

«وفى ذلك اليوم خرجت مظاهرات ضخمة من جامعة القاهرة 
قاصدة ميدان الجمهورية وكان المتظاهرون يهتفون بحياتى وحياة 
الديمقراطية وردد بعضهم هتافات معادية لمجلس قيادة الثورة 
فوقعت اشتباكات بينهم وبين رجال الأمن والبوليس الحربى 


بقيادة البيكباشى أحمد أنور الذى كان شديد القسوة والعنف مع 
المتظاهرين وأطلق رجال الأمن النيران فأصايت البعض وقبضوا 
على البعض الآخر وكان من بينهم عدد من الإخوان الذين ازداد 
نشاطهم بعد حل جماعتهم؛ وهذا الكلام يؤكد مدى حقد ضباط 
معسكر الشر على نجيب وأعوانه وعلى الحياة الديمقراطية بصفة 
عامة. 

المهم انتهت المظاهرات وأسفرت عن قرارات ديمقراطية 
تضع مصر على أول الطريق الصحيح لتنطلق نحو افاق الحرية 
والديمقراطية - لو كانت نفذت - وهى قرارات ه مارس التاريخية 
والتى كانت كالتالى: 

١‏ - عقد جمعية تأسيسية منتخبة بطريق الاقتراع العام المباشر 
على أن تجتمع خلال شهر يوليو 454١م‏ ويكون لها مهمتان: 

أ) مناقشة مشروع الدستور وإقراره. 

ب القيام بمهمة البرلمان إلى الوقت الذى يتم فيه عقد البرلان 
الجديد وفقا لأحكام الدستور الذى ستقرره الجمعية التأسيسية. 

؟' - حتى تتم الانتخابات فى جو من الحرية تقرر إلغاء 
الأحكام العرفية قبل إجراء الانتخابات بشهر. 

" - كما تقرر إلغاء الرقابة على الصحف والئشر. 


4- أن يستمر مجلس قيادة الثورة فى ممارسة سلطات السيادة 
لحين اجتماع الهيئة النيابية الجديدة. 

لكن الفرحة لم تكتمل فقد جاء الغراب ليقتنصهاء فقد قيل 
أن عبد الناصر بعض التفجيرات وأثار بها الفوضى والقلاقل 
فى المجتمع ليشعر الشعب بأنه فى حاجة للحماية وأن البلاد 
مازالت غير مستقرة وهذا ما اتهمه به عبداللطيف بغدادى يأنه 
هو الذى صنع تفجيرات السيئمات والمسارح. 

أيضا قيل أن عبدالناصر قد اتفق مع بعض قيادات العمال 
بل اشتراهم بالمال مثل صاوى أحمد صاوى الذى باع نفسه 
بمبلغ أربعة الاف جنيه اشترى بها بعض الأفدنة من الأراضى 
الزراعية بقريته قمن العرروس بمركز الواسطى مقابل حشد العمال 
وخروجهم فى مظاهرات تنادى يبقاء مجلس قيادة الثورة فى 
قيادة البلاد وتفعيل الإضرابات بالمصانع وقد ذكر خالد محيى 
الدين فى مذكراته ما هو نصه «إذن أدرك عبدالناصر أن خطة 
ه مارس لايمكن تنفيذها مع استمرار احتفاظه بالسلطة وبدأ فى 
الالتفاف على هذه الخطة وترتيب الأمر للاتجاه فى مسار مضاد 
' تماما). 

وطوال هذه الأيام انهمك عبد الناصر فى تنفيذ خطته فحشد 
أكبر قدر من ضباط الجيش حوله وبالتحديد حشدهم حوله على 


أساس رفض الديمقراطية وأنها ستؤدى للقضاء على الثورة وبدأ 
عن طريق طعيمة والطحاوى فى ترتيب اتصالات بقيادات عمال 
النقل العام لترتيب الإضراب الشهير.. 

ولك عزيزى القارئ أن تتصور إضرابا لعمال النقل تسانده 
الدولة وتحرض عليه وتنظمه وتموله.. وأتوقف تحديداً أمام كلمة 
«تموله هذه. فلقد سرت أقاويل كثيرة حول هذا الموضوع لكننى 
سأورد هنا ما سمعته من عبدالناصر بنفسى فعند عودتى من المنفى 
التقيت مع عبدالناصر وبدأ يحكى لى ما خفى عنى من أحداث 
أيام مارس الأخيرة وقال بصراحة نادرة : لما لقيت المسألة مش 
نافعة قررت أتحرك وقد كلفنى الأمر أربعة آلاف جنيه». 

انتهت شهادة خالد محيى الدين ولم ينته التاريخ.. وبالفعل 
تمت المكيدة بنجاح وعمت الإضرابات وخرج الغوغاء والعملاء 
ورجال البوليس والخابرات وكثير من الجهلاء المغرر بيهم فى 
شوارع القاهرة ينادون بسقوط الديمقراطية والرجوع إلى القرارات 
الديكتاتورية والهجوم على مجلس الدولة وانتصر معسكر 
عبدالناصر ومن بعدها اعتقل كل من نادى بالحرية والديمقراطية 
كالبطل يوسف صديق وغيره من أطياف الشعب وبدأ التأسيس 
للحكم العسكرى الذى قيدنا طوال هذه السنين وتم تصفية 


المعارضين واحدا تلو الآخر إما بالنفى أو الاعتقال وأحيانا أحكام 
الإعدام المجانية» فقد جاء الدور على الضباط الأحرار أصدقاء 
الكفاح فبدأ بعبدا منعم عبدالرءوف ومعروف الحضرى وأبو المكارم 
عبد الحى وحسين حمودة وهم من اللإخوان المسلمين ثم لحقهم 
من مجلس قيادة الثورة بخالد محينى الدين بالنفى ثم باقى الضباط 
الأحرار المخلصين من بعدهم ظلما وزورا ولم يسلم الشيوعون أيضاً 
من الأذى فقد أخذوا أماكنهم فى عمبوكات المعتقلات وكذلك لم 
تسلم الصحافة والأقلام الحرة من بطشهم. وثبت الحكم العسكرى 
قدمه بمصر ودور يوسف صديق فى هذه الأزمة كان قويا على 
الرغم من هذه الحراسة المشددة إلا أنه شارك وبقوة فى أزمة مارس 
14م بارائه المناهضة للديكتاتورية والمؤيدة لطالب الشعب فقد 
أراد مقايلة صحفى فى جريدة المصرى يدعى «أمين عبدامؤمن» 
ليجرى معه حوارًا صحنفيًا يقول فيه اراءه وينشر من خلاله 
اقتراحاته والتى كانت تمهد للحكم المدنى عن طريق الديمقراطية 
كما ذكرنا قبل من تكوين الحكومة الائتلافية إلى عودة البرلمان 
مروراأ برجوع الأحرزاب وغيره وغيره.. 

وفعلا استطاعت إحدى بنات يوسف صديق مقابلة الصحفى 
سراً وإدخاله إلى البيت المحاصر بشكل سرى وتم عمل الحوار 


ونشر به الخطاب الذى أرسله يوسف صديق إلى محمد نجيب 
محتوياً آراءه واقتراحاته لحل الأزمة وكان نصه كالتالى: 

كتب مندوب الجريدة يقول: 

«زار القائمقام أركان حرب يوسف صديق عضو مجلس قيادة 
الثورة سابقا السيد الرئيس اللواء محمد نجيب وحدثه فى الأوضاع 
الراهنة ثم أرسل لسيادته كتابا برأيه فى حل الموقف هذا نصه: 

السيد رئيس الجمهورية ورئيس مجلس قيادة الثورة ورئيس 
مجلس الوزراء والحاكم العسكرى العام لجمهورية مصر البرمانية 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ وبعد: 

فلا شك أنكم تقدرون مدى المسئولية التى أتحملها معكم أمام 
التاريخ عن مصير هذه البلاد نتيجة للعمل الإيجابى العنيف 
الذى قمت به فى يوم ٠‏ يوليو سنة 1907م+ والذى لا أستطيع 
أن أفلت من مسئوليته حتى بعد استقالتى من مجلس قيادة الثورة 
فى فبراير سنة 1581م فالتاريخ صارم فى حسابه. 

ولا يسعنى وأنا أشعر بهذه المسئولية وأرى ما يجرى فى هذه 
الأيام الأخيرة من أحداث أن أتخلف عن أداء واجبى نحو هذا 
الوطن يعرض ما أراه كحل للأزمة الشديدة التى تعانيها البلاد 
فى هذه الظروف العصيبة حتى أكون قد أديت واجبى كاملاً 


نحوكم كزملاء يتحملون مسئولية ضخمة أمام التاريخ ونحو البلاد 
التى أصبحت فى حاجة ماسة إلى علاج عاجل حاسم تستقر 
به النفوس وتهدأ الأعصاب وتنام الفتنة التى تطل برأسها على 
الشعب. 

وإنى أعرض رأيى على الوجه الآتى : 

١‏ - إن حال البلاد الآن أشبه بحال المريض ويحاول كل 
مخلص من أبنائها أن يهتدى إلى العلاج الناجح وأن يهدى إليه 
الآخرين فإذا طال الجدل فى هذا الموقف دون الوصول إلى العلاج 
تعرضت حياة المريض إلى خطر محقق. ليس أخطر منه إلا أن 
يجرعه السم بدل الدواء. 

١‏ - لايمكن الوصول إلى العلاج إلا بعد التأكد من معرفة الداء. 

© - بالرجوع إلى التاريخ الذى عملناه من يوم 5 يوليو سنة 
ام إلى أن وصلنا لهذه الحالة نلمس الآتى: 

ا( بعد طرد فاروق من البلاد فى 75 يوليو سنة 1561م بدأ 
مجلس قيادة الثورة مناقشة الخطوة التالية التى كانت تتلخص 
فى هذا السؤال: 

«لن الحكم؟» وكان هناك رأيان فى الجواب عن هذا السؤال أما 
أحدهما فكان يرى دعوة البرلان المذحل ليباشر سلطته الشرعية 


وأما الآخر فقال بعدم دستورية هذا الحل ورأى أن نذهب مذهياً 
آخر ثم استقر الرأى على استفتاء قسم الرأى بمجلس الدولة 
مجتمعا لهدايتنا إلى التصرف الدستورى السليم فأفتى بأغلبية 
تسعة أصوات ضد صوت واحد بعدم دستورية دعوة البرلان وكان 
الصوت الواحد للدكتور وحيد رأفت.. 

(ب) سرنا على هدى هذه القتوى ووصلنا إلى الحالة السيئة 
الراهنة وتبين أننا ضللنا الطريق . 

(ج) بعد أن تبين لنا بوضوح أننا ضللنا طريقنا فلا يكون 
هناك تصحيح للوضع سوى أن نعود إلى حيث أشكل علينا الأمر 

4- على ضوء هذه الحقائق نجد أن علاج الوقف ينحصر فى 
أحد حلين لا ثالث لهما: 

(أ) دعوة البرلان المنحل ليتولى حقوقه الشرعية. 

(ب) تأليف وزارة اثتلافية تمثل التيارات السياسية المختلفة 
القائمة فعلا فى البلاد وهى الوفد والإخوان المسلمون والاشتراكيون 
والشيوعيون تشرف على إجراء انتخابات للبرلان فى أسرع فرصة 
حتى تختار البلاد حكامها الشرعيين ويعود الجيش إلى تكناته 
ليستعد للقيام بواجبه فى تحقيق أهداف الشعب فى حدود طبيعة 
عمله التى تنحصر فى الاستعداد لعركة التحرير. 


وأقترح أن يكون رئيس الوزارة المقترحة هو الدكتور وحيد 
رأفت الذى أكسبته حوادث التاريخ هذا الحق فلا تكون الرياسة 

ه - أى حل آخر غير هذين الحلين يكون بمثابة إعطاء 
المريض السم بدل الدواء فيكون مجافيا للديمقراطية التى تنشدها 
الثورة. ومن ثم يكون سببا فى استمرار الاضطراب الحالى وما 
يترتب عليه من سوء النتائج. 

5 - إن استمرار الحكومة الحالية فى حكم البلاد لتصريف 
شئونها بعد أن أعلن الشعب رأيه فيها وكذلك استمرار الهيئات 
التى أنشأتها هذه الحكومة كلجنة الدستور مثلا هو استمرار 
للسياسة التى ثبت فشلها وخطرهاء» فما دامت الحكومة قد 
قررت أن تترك للشعب أموره فليس لها أن تفرض عليه أو تقترح 
له فإنما قمنا يوم *؟ يوليو لتمكين الشعب من أموره دون أن تكون 
لنا الوصاية عليه لاسيما بعد أن أعلن هو رغبته فى ذلك وإصراره 
عليه وإننى أسأل الله لكم السداد والتوفيق . 

والله ولى التوفيق 

القائم مقام أركان حرب يوسف منصور صديق عضو مجلس 

قيادة الثورة سابقا. 


وبالفعل نشر الحوار ونص الخطاب فى جريدة المصرى بتاريخ 
4 مارس 1584م وبعد نشر الخطاب فى جريدة المصرى زادت 
الفغجوة بين جمال عبدالناصر ويوسف صديق أكثر وأكثر وتم 
الاعتقال بعدها بأيام.. 
9000 


الفصل الثالتث 


الاعتقال 


«إن رجالنا لا يبكون».. بهذه العبارة ودع البطل يوسف صديق 
ابنه الصغير حسين (9سنوات) بعدما جاء رجال الجيش بأمر 
اعتقاله فى صباح يوم ١‏ أبريل 1404م ليودعوه سجن الأجائب 
مع باقى شرفاء هذا الوطن فى هذه الحقبة التاريخية السوداء من 
تاريخ مصر.. 

ومن شدة نذالة هؤلاء المغرضين أنهم بعثوا للقبض على يوسف 
صديق أحد تلاميذه والذى ظل يعتذر ليوسف صديق وأبلغه أنه 
يمكن أن يرجع ويعتذر عن هذه المهمة ولكن البطل يوسف صديق 
ربت على كتفه وأفهمه أنه يعلم أنه مغلوب على أمره وأثهم 
يقصدون إهائته هو - أى يوسف صديق - ولكنه أبلغ تلميذه أنه 
غير غضبان منه وأنه عموماً أفضل من ينفذ هذه المهمة عن غيره.. 

وبعدما دخل يوسف صديق المعتقل فى أبريل 4م لحقت 

روج في مايو 41م ولبث فى السجن ١4‏ شهرا قضاها 
0 فزنها وأفرج عنه فى يونيو 1168م وأثناء تواجده فى 
السجن رزقت ابنته بمولود جديد فسمته يوسف على اسم جده 


فحزن أشد الحزن على عدم تمتعه بالنظر إلى حفيده المسمى على 
اسمه وكتب قصيدة بعتوان «استقبال الصديق» وكانت كالتالى: 
أقبلت تسعى من الظلماء للنسور 
فأسليمستك دياجير لديجور 
أشرق بنورك فالأيام حا 
من هول ما اقترفت فيئا من الجور 
إن الرسالة فى أسبائنا لمعت 
فحملتنا قواب الهدى بالنور 
ونحسن نعلسم أن السجن منزلنا 
حتى تدك حصون الإفك والزور 
ونحسن نعلم أن الموت موردئنا 
نلقاه فى الله فى بشر وتكبيسر 
جرد حسامك فالميدان مفتقدٌ 
والحق بقومك أسرع إنهم سبقوا 
وخذ مكانك فى ركب المغاوير 
تم الإفراج عن البطل يوسف صديق فى يونيو ٠150م‏ لكنه ظل 


3 


تحت تحديد الإقامة هو وأسرته وخاصة زوجته «علية توفيق» أو 
«الزوجة العقربة» من وجهة نظر جمال عبد الناصر الذى وصفها 
هذا الوصف لأحد أصدقاء يوسف صديق وأوصاه أن يطلقها ويعود 
إلى رفقة عبدالناصر! 

لكن بالطبع كانت الاجابة بالثبات على المبدأ.. 

وظل تحديد الإقامة على الأسرة حتى سنة ١4055‏ وعلى الرغم 
من ذلك لم يثنه هذا عن الدفاع عن الوطن ليقود المقاومة الشعبية 
أثناء العدوان الثلاثى فى عزبة النخل التى انتقل إليها بعد 
الاعتقال ليعيش مع زوجته علية توقيق التى خرجت أيضاً بعده 
من المعتقل بعدما رفض يوسف صديق الخروج وحيداً بدون زوجته 
وطلب خروجها من المعتقل قبله لكنهم وعدوه بأنها ستخرج بعده 
مباشرة وبالفعل حدث.. 

وفى المعتقل سجل يوسف صديق. بعض ألوان التعذيب 
والإهانة التى تعرضت لها كل قوق المعارضة بلا استثناء ومنها ما 
ذكرناه سابقا وما سرده يوسف صديق لابنته فى إحدى الزيارات 
عن قصة هنداوى دوير وزوجته. 

وفى فترة المعتقل قد سجل أيضاً البطل الشاعر هذه الأبيات 
إلى جمال عبدالناصر فى قصيدة بعنوان «فرعون:؛ قال فيها: 


ألا أيهذا الدعى اللعين 
ليست السوح وضللتنا 
أفرعون مصر وجبارها 
وناديت فى الناس إثى إله 
ولكن فرعون دانت له 
ففى أرض مصر غزاة طغاة 
يعيسون قيْتنا فننادا وبغينا 
سجنت النساء ولم تحترم 
أعرضى يباح ويلقى به 
أكل رجالى غدرت بهم؟ 
ولا وقعصت وعبد الحكيم 
وقد كنت مختفيا فنى ثياب 
فأنقذت روحيكما من هلاك 
أحقق فى الله ما أبتغى 
غدا تلتقى يا جمال الوجوه 


ألا أيهذا الشقى الحرون 
ولا حكمت كشثفت الفتون 
صحوت لها من وراء القرون 
وأنتم عبيدٌ ولى تسجسدون 
عروش وعرشك واه مهين 
بشعبك فرعوتنا يعبثقون 
وكم ينهبون وكم يقتلون 
وقار الشيوخ وطول الذقون 
على ناظريك بقاع السجون ؟ 
أكل رجالى من المجرمين؟ 
بأسر رجاللى وما يعلبون 
تباعد عنك مثار الظنون 
ورحت بروحى ألاقى اللنون 
وما كنت أحسبكم تبتغون 
وَكَعْرَفك فيورك هنذا يكسوة 


الفصل الرابع 
يوسف صديق وتأميم القناة 

ديليسبس.. كلمة من سبعة أحرف الكنها ليست كالكلمات 
العادية وإنما هى كلمة من قاموس كلبات الثورة كأختها «نصر» 
التى كانت كلمة سر ثورة يوليو ولكن هذه المرة كانت «ديليسبس» 
هى كلمة سر التحرك لتأميم قناة السويس الكلمة التى نطق بها 
عبدالناصر فى ١407‏ والتى كانت مفتام تأميم قناة السويس كلمة 
لن ينساها الشعب المصرى وبقيت خالدة فى تاريخه فهذه الكلمة 
أيضاً هى التى هيجت مشاعر البطل يوسف صديق وألهبيت 
حماسه ليتناسى الخلاف القائم بينه وبين جمال عبد الناصر 
ويسانده برأيه ويعلن مؤازرته له ودعمه لقرار تأميم القناة.. 
أراؤهم وقراراتهم وبدأوا بإرسال المفاوضين لجمال عبدالناصر 
لعدوله عن هذا القرار وكان ممن أرسلوهم رئيس نر" أستراليا 
فى ذلك الوقت «مئزيس» والذى جاء مفاوضا مرهباً تدا من 
عقبات وويلات هذا القرار. 


وما أن سمع يوسف صديق بأخبار هذه الزيارة حتى استشاط 
غضبا وثارت حميته الوطنية واشتعلت بداخله شعلة الشعر 
ليخرج قصيدته «إلى منزيس» والتى نشرت فى جريدة الجمهورية 
بتاريخ +/ة/ 5 والتى قال فيها: 
رسول الغرب حي النيل واخفض 
قوامك بالتحية والجبينا 
وحى معالم التاريخ واركع 
تبرك بالقنال وطور سينا 
إلى الوادى المقدس جثت فاخلع 
به نعليك شأن المؤمنينا 
وتمتم بالسلام تكن حصينا 
وتحيا سالما ما دمت فينا 
سعيت إلى العرين فكن لبييسا 
يخون اللب من زار العرينا 
رسول الغرب جئت فكن شهيدا 
وبلغ أهلك الخبر اليقينا 
ألست ترى الرجال مدججينا 
على طول القنال مرابطينا 


وتلك نساؤنا هبّت بكييدٍ 

لهن ورحن يحمين الحصونا 
هناشعبٌ وراء جمال مساض 

إلى ااه فا أمينا 
تطوع للجهاد على ولاء 

لقائده وأقسم لمن يليكتن] 
فقال للغاصبين هناك مهلا 

فمائيلالملى للغاصبينا 
وتلك قناتنا ردت إلينا 

وما كنالحق غاصبينا 
ففيم أقمتم الدنيا علينا 

وبتم ضدنا متامسرينا 
رميتم سهمكم بالغدر حينا 

وبالتفليل والبهتان حينا 
زعمتم أننا الإسلام يصحو 

يهدد دين عيسى أن يبينا 
فأوهى كيدكم سعى التصارى 

بمصر إلى الهلال معاتقينا 


وأوهمى كيدكم أنا وقفنا 

وراء زعيمنا صفا متينا 
وللإسلام صهرٌ فى النصارى 

يولد بينهم عطفا ولينا 
ومذ كان السلام لناإلها 

نهانا أن نقاتل معتديئنا 
وننصر كل لصوم يعانى 

حماقات الطغية الظالميئيا 
تناصرنا الشعوب على سسلام 

ويقنع حقنا هندا وصينا 
تحيتنا «سلامة بيدأنا 

نذود عن السسلام إذا دُعينا 
ونسحق كل جبار عنيدٍ 

يهسدد بالحصروب الآمئينا 


يوسف صديق والمقاومة الشعبية للعدوان الثلاشى 


العدوان الثلاثى كان هو ردة الفعل التى لم يتوقعها أكثر 
المتشائمين أن تكون بهذه القوة ولكن كان لكل دولة من الدول 


التى أقدمت على العدوان أسبابها الخاصة للمشاركة فيه» فمثلا 
فرنسا كان لدعم ثورة الجزائر بالسلاح والمال الأمر الذى هدد 
التواجد الفرنسى فى الجزائر خاصة وفى إفريقيا بصفة عامة 
أما إسرائيل فكان لديها الكثير من الأسباب ناهيك عن حلمها 

من النيل إلى الفرات فقد كانت تريد الاستحواذ أكثر وأكثر على 
أجزاء من الوطن العربى ومن فلسطين وسيناء خصوصاً بعد علمها 
بتوقيع صفقات سلاح بين مصر والاتحاد السوفيتى ستثرى مصر 
بالكثير من الأسلحة المتقدمة والمتطورة مما أثار حفيظة إسرائيل 
ودفعها للمشاركة فى العدوان. 

أما بريطانيا فقد أخذتها العزة بالإثم فكيف للصر أن تؤمم 
قناة السويس التى كانت تديرها وتدر عليها دخلا لا تحصل على 
مثله من أكبر مشاريعها فهاجت وماجت وأصرت على العدوان 
واتحد الظلم يدا واحدة على مصر وبدأت الدول الثلاث بالهجوم, 
ولكن بفضل الله لم يكتمل مخططهم اللعين بل باء بالفشل فلم 
تقف معهم أمريكا ولا الاتحاد السوفيتى بل هددت أمريكا بضرب 
لندن وباريس» وعلى الجانب الآخر فقد وقفت المقاومة الشعبية 
موقف الرجال ونشطت الفرق الشعبية فى جميع أنحاء البلاد 
0 وفى مدن القناة خاصةء وعلى الرغم من الحصار الذى 


0 


كان يعيشه البطل تحت الإقامة الجبرية فإن هذا لم يمنعه من 
المشاركة فى المقاومة الشعبية فقد ارتدى زيه العسكرى ونزل 
إلى الشارع كاسرا الإقامة الجبرية نتظياً لأفراد المقاومة الشعبية 
ومدربا لهم مستخدما خبرته الحربية وحسه العسكرى لينقلب 
المشهد بدلا من حبيس إلى قائد للمقاومة الشعبية التى كانت أحد 
أسباب انسحاب العدوان الثلاثى عن مصر. 
وفى الوقت الذى شمت فيه الكثير فى جمال عبد الناصر ولاموه 
على تأميم القناة بل زاد البعض ودعاه إلى الاستسلام وتسليم نفسه 
إلى السفارة البريطانية. وتركه الكثير ليقابل الأهوال وحدهء فى 
نفس الوقت نجد بطلنا يوسف صديق يقف بجائبه موقف الأحرار 
ويتناسى مرة أخرى الخلاف ويناشده عدم الاستسلام والمقاومة 
حتى آخر قطرة ”7 
وقد كان ذلك ظاهرا فى قصيدته «الله أكبر» التى كتبها 
ونشرت فى جريدة الجمهورية مساندا فيها جمال عبدالناصر 
وداعياً إلى المقاومة وعدم الاستسلام والتى قال فيها: 
لحن من النيل السعيد ترددا 
فتراقص الأرز البهيج وغردا 
ودمشق رتلت النشيد فهيست 
صبا مشوقا فى عمان فأنشدا 


تلا الحجاز اللحن فاهتزت له 
صنعا ودوى فى العراق له صدى 

ومن الخليج الفارسى لأطلس 
شعبٌ تغنى بالنشيد ورددا 

هذا نشيد اليسة فاسمع لحنه 
غناه شعب الضاد حين توحدا 

الله اكبر أدْنَ الفجر فقم 
وارقب سنى النور من الشرق بدا 

الله اكبر بددت شمل الدجى 
من بعد ليل كان يبدو سرمدا 

الله اكبسر والشلام إلهنا 
بات الطريق إلى النعيم معبدا 

فلكل شعب أرضه بكتوزه 
يحيا بها كريساً بيدا 

فاليوم لاشعبٌ تضيع حقوقه 
بين الطغاة ولا يترى مستعيدا 

الله اكبر يا إ(جمال) جمعتنا 
والعهمد دون الحق أن نستشهدا 


فاضرب وراءك أمة إن تدعها 
اتسابقت واستعذيت طعم الردى 
أوجع خصوم الحق حتى يسلموا 
رغم الأنوف بعدل حقك سجدا 
شعب العروبة قد أتاك مجندا 
ووراءة شعسب السسلام مؤيدا 
وإذا الشعوب تحركت بقلويها 
لكريهة فالنصر بات مؤكدا 
يا مصر عهد الله هذا بيننا 
أن لا نلين وأن نكون لك الفدا 
إنا وعدناها إعادة مجدها 
فلتشهد الدنيا وموعدنا غدا 
انتهى العدوان الثلاثى على مصر وعاد أهله إلى يلادهم خائبين 
وانتصر عبد الناصر سياسيا وشعبيا ورفعت الإقامة الجبرية عن 
البطل يوسف صديق وأسرته كنوع من رد الجميل على كرم 
الأخلاق الذى أظهره البطل يوسف صديق وقت الأزمات والذى 
لم يكن يتوقع منه فى حين تخاذلت أقلام الكثيرين وسكت 
البعض الآخر ليرى إن كان فيها مغنم فيكتب ويكن مع الرابحين 
وإن كانت خسارة لام وعاتب. 


المهم رفعت الإقامة الجبرية ليكمل البطل بقية حياته بشىء 
من الحرية ولكنه تمنى الكثير والكثير لخدمة وطنه وشعبه ولكن 
للابقته لغ بيفسع :له :المجال للمشاركة ‏ فى أى صحك أو سجلات 
تصدرها الدولة ولم يسمح له أيضاً بأن يتقلد أى منصب عسكرى 
أو حتى أن يرتقى أى منبر فكرى أو أدبى يستطيع من خلاله 
خدمة بلده ومجتمعه وعاش بقية حياته يعانى ماديا ومعنويا 
فقد عانى جيدياً من آلام العمود الفقرى الذى عاش به طوال 
حياته وليس بسبيه الجاكت الجيس ولكن هذه المعاناة التى فى 
سبيل الوطن كانت تهون أمام المعاناه المعنوية التى عاشها طوال 
حياته وأعتقد بعد مماته والتى تمثلت فى تهميشه وتهميش دوره 
التاريخى فى تاريخ مصر الحديثة. 
2200 


66 


الفصل الخامس 


على طريق الرحيل 


إعدام ديوان شعر 

يعدن أحيل العلل ,روسك طتايق: (ن التتاعة ب« وشفيوما فين 
فترة ما بعد العدوان الثلاثى على مصر لم يكن يوسف صديق 
مرتبطاً بعمل ما ولذلك كان متفرغاً للقراءة والأدب والسهر الثقافى 
مع الأصدقاء ومن هنا كانت فرصة جيدة له كى يجمع كل 
أشعاره من الصحف والمجلات والأوراق المهملة عنده ويدونها 
فى دفتر كبير احتفظ به وحافظ عليه وفى إحدى الليالى زاره 
صديقه الكاتب إبراهيم عبد الحليم ووجد معه هذا الدفتر الملىء 
بالأشعار فأخذه منه وأصر على طبعه ونشره من خلال دار النشر 
التى كان يمتلكها ولكن الفرحة لم تكتمل فقد شم رجال البوليس 
السياسى الخبر وعلموا بأن الديوان سينشر من خلال إبراهيم عبد 
الحليم فداهموا دار نشره واعتقلوه وصادروا الديوان وبعد فترة 
أفرجوا عن الكاتب إبراهيم عبد الحليم ولكنهم لم يفرجوا عن 
الديوان ونفذوا فيه حكم الإعدام.. 


وبعد وفاة البطل يوسف صديق استطاع ابنه حسين جمع 
الكثير من أشعار أبيه من الصحف والمجلات ومما يحفظه الأهل 
والأقارب ومما وجده فى أوراق أبيه وتم نشرها فى عام 1994م 
فى ديوان بعنوان «ضعوا الأقلام». 
النكسة والمرض 

فى عام /551وام قامت إسرائيل يحرب غادرة هزمت فيها 
الجيوش العربية وفى مقدمتها مصر وقد سماها المؤرخون 
المجاملون لنظام عبد الناصر نكسة ١9510‏ تخفيفا من وطأة كلمة 
هزيمة وتخفيفا على الشعب من صدمة الهزيمة السريعة التى 
مُنى بها الجيش المصرى والذى كشفته على حقيقته أو بالأحرى 
كشفت بعض قادته الجدد على حقيقتهم وعدم اهتمامهم بالجيش 
والجرى وراء الممثلات والراقصات فى الملاهى والشقق المفروشة 
فقد قتل أو فقد من الجيش المصرى حوالى من ٠١‏ آلاف إلى ١٠١6‏ 
ألف جندى وكما نقل أمين هويدى عن كتاب الغريق أول محمد 
فوزى وزير الحربية فى فترة ما بعد النكسة أن خسائر مصر من 
القوات الجوية كانت بنسبة /٠٠١‏ وخسائر القوات البرية كانت 
بنسة 86/ . 

وانتهت الحرب باحتلال إسرائيل لسيناء ولم تكن هزيمة 


15 


5م مادية فقط بل كانت هزيمة معنوية أكثر منها فمنذ ذلك 
حين وشىء ما انكسر داخل البطل يؤسف صديق وبدأ ذلك 
ظهر على جسمه فمرت عليه الأيام سوداء قاتمة فلم يتوقع 
ن الجيش المصرى العظيم وصل إلى هذه الدرجة من الضعف 
بلى يد هؤلاء اللئام فحزن أشد الحزن على جيشه الذى تربّى 
يه وربى فيه الكثيرين من الأيناء المخلصين لهذا الوطن والذين 
نان مصيرهم كمصير البطل بالإحالة للتقاعد وبدأت هذه الحالة 
النفسية السيئة تؤثر فيه بدنيا فمرض فى القلب وارتفاع نسية 
لسكر بالدم وارتفاع ضغط الدم بالإضافة إلى مرضيه السابقين الام 
لعمود الفقرى والتى ألزمته لبس الجاكت الجبس لمدة عشرين 
عماما ونزيف الرئة الذى لازمه طوال حياته. وزاد عليه المرض 
وبدأ يحاصره ويتمكن منه وفى إحدى زياراته المؤازرة والمساندة 
لجمال عبد الناصر بعد النكسة نصحه عبد الناصر بالسفر للعلاج 
'فى الاتحاد السوفيتى وبالفعل فى أوائل سبتمبر من عام اام 
أصدر عبد الناصر قراراً بسفر يوسف صديق للعلاج فى الاتحاد 
السوفيتى فى سنة ١157م‏ وبالفعل سافر للعلاج هناك بموبكو 
ولكن للأسف لم يستطع الطب الروسى تقديم أى شىء للبطل 
يوسف صديق لأن المرض لم يكن كما شخّصوه هم فقط ولكنه 


17 


كان قد أصيب بالسل والسرطان كما عرف بعد ذلك فى رحلتة 
العلاجية سنة 1997م بلندن..! 
كتابه: الإسلام والمسلمون فى الاتحاد السوفيتى 
استغل يوسف صديق فترة علاجه فى الاتحاد السوفيتى واهتم 
بشئون الإسلام والمسلمين هناك وقرأ فى الاشتراكية ومدى مطابقتها 
للإسلام من منظور عملى كما يعتقد - كما ذكرنا من قبل - وألف 
كتابا بعنوان «الإسلام والمسلمون فى الاتحاد السوفيتى»: وقد 
احتوى الكتاب على أربعة فصول كانت كالتالى: 

- الفصل الأول يتناول مرحلة ما قبل الثورة الاشتراكية. 

- الفصل الثانى يتناول المسلمين والثورة الاشتراكية. 

- الفصل الثالث يتناول الحياة الروحية للمسلمين. 

- الفصل الرابع يتناول شهادات واقعية. 

وقد أهدى يوسف صديق الكتاب إلى أرواح الذين سقطوا فى 
المعارك ليزيدوا من أرباح تجار الحروب.. إلى كل إنسان ضللوه 
بزخرف القول فحمل السلاح وراح يقتل نفسه أو أخاه الإنسان 
لصالح الشيطان. إلى الذين قالوا ريئا الله ثم استقاموا..». 


14 


وفاة عتيد الناصر 

آخر مهام عبد الناصر قبل وفاته كانت الوساطة لإيقاف 
أحداث أيلول الأسود بالأردن بين الحكومة الأردنية والمنظمات 
الفلسطينية فى قمة القاهرة فى 55 إلى 18 سبتمبر ١191م‏ حيث 
عاد من مطار القاهرة يعد أن ودع صباح السالم الصباح أمير 
الكويت. عندما داهمته نوبة قلبية بعد ذلك وأعلن عن وفاته فى 
8 سبتمبر ١191م‏ وتولى مصر بعده نائبه محمد أنور السادات. 
أثناء رحلة يوسف صديق العلاجية بالاتحاد السوفيتى سمع 
بخبر وفاة جمال عبد الناصر فى ١8‏ سبتمبر ١1917م‏ فما منه إلا 
أن أظهر أخلاقه الكريمة فبعث ببرقية عزاء للسادات ومعها تأييد 
للسادات بل كتب قصيدة رثاء فى عبدالناصر يشعر من يقرأها بأن 
هذين الرجلين لم يختلفا أبداً وأن ما تم .بينهما مجرد وجهات 
نظر وهذه هى صفات الرجال فى الظروف الحرجه فها هو يبكى 
صديقه ويرثيه بقوافيه الحزينة فى قصيدة بعنوان «دمعة على 
البطل») تم نشرها فى ذكرى وفاته ليطوى بها صفحة جمال عبد 
الناصر بحلوها ومرها وقال فيها: 

أبا الشثوار هل سامحت دمعى 
يفيض وصوت نعيك ملء سمعى 


وكنا قد تعاهدنا قديما 
على ترك الدموع لذات روع 
وإن الخطب يحسم بالتصدى 
لهول الخطب فى سيف ودرع 
ولكن زلزل الأركان مني 
وهز تماسكى من جاء ينعىٍ 
وفاتك وأنت ملء الارض سعيا 
وذكرك قائم فى كل ربع 
بكتك عيون أهل الأرض حولى 
فكيف أصون بين الناس دمعي 
قضيت شهيد وحدتنا تقوى 
روابطها وتجبر كل صدع 
فما للعرب فى الدنيا مكسان 
بغير تماسكُ وبغيسر جمسع 
رسمت لنا الطريق وسوف نمضى 
على هذا الطريق بغير رجع 
سنمضى فى طريق الحق حتى 
نطئر من ثرانا كل صقصسع 


وللفلاح بالف لاح نروى 
صحارينا ونزرع خير زرع 
ففى العسال والفسلاح درع 
لشورات الشعسوب وأى درع 
جززاك الله عنا كل خير 
ورواك الرضا من كل تيبسسع 
المرض والوغاة 
تبدأ من عام 4م حيث عائى من المرض فى عموده الفقرى 
حوالى عشر سنوات إثر تعرضه لحادث موتوسيكل فى بداية 
خدمته أدت إلى تسوس فى بعض الفقرات مما ألزمه وضع جاكتة 
من الجبس ثم حزامً حديدى حول ظهره لفترة أخرى ولم يكد 
يخلع جاكتة الجبس سنة 1544م حتى أصيب بنزيف بالرئة 
اليسرى عام ٠158م‏ أثناء خدمته بالسودان ونقل بالطائرة إلى 
المستشفى العسكرى بالقاهرة للعلاج لكن النزيف ظل يعاوده وفى 


نذا 


هذا ولم يعالج منه علاجاً حاسماً حتى تطور فى النهاية إلى الإصابة 
بالسل والسرطان فى تلك الرئة مما أدى إلى استتصالها فى نهاية 
الأمر بلندن وظل يعانى منها حنى الوفاة وعقب الأحداث الجسام 
التى مرت به فى السجن له ولأسرته أصيب بمرض السكر وضغط 
الظاهر فى ذلك الوقت هو السكر والإكزيما وتم الكشف عليه 
هناك والحقيقة أن مرضه العضال لم يكن فى السكر ولا الضغط 
ولا غيرهما ولم تكن هذه الحقيقة كما أظهرتها الفحوص بعد 
ذلك. وفى عام 1997م سافر إلى لندن للعلاج وأخذ معه تقارير 
الأطباء الروس والمصريين عن حالته الصحية وما كادت المستشفى 
الإنجليزية تضعه تحت الفحوص حتى ظهرت المفاجأة وهى 
إصابته بورم فى الرئة اليسرى وبتحليل هذا الورم تبين إصابة 
هذه الرئة بمرضين من أخطر أمراض العصر وهما السل والسرطان 
وأن المرض قد تمكن من ثلث الرئة السبفلى ولابد من استئصاله 
على الفور وأدخل إلى غرفة العمليات على وجه السرعة وأجريت 
له الجراحة الخطيرة التى تم فيها استئصال ثلثى الرئة . 

ثم عاد إلى لندن مرة أخرة سنة 917١م‏ لتكملة العلاج بعد أن 
تمكن المرض منه لكن دون فائدة فعاد راقدا على فراشه بالقاهرة 
منتظرا للموت بشجاعة. 


لذ 


وفى مارس هلا9١م‏ رأى بعض تلاميذه ضرورة نقله إلى 
مستشفى المعادى للقوات المسلحة .وبالفعل نقل من منزله إلى غرفة 
الإنعاش بالستشفى حيث كان واضحاً أنه فى ساعاته الأخيرة 
ورحل البطل يوسف صديق عن عالمنا ليحلق فى عالم الأرواح فى 
اث مارس عام 8 1وام. 
وانطوت صفحة من تاريخ مصر لم يشعر بها الكثير عندما 
فتحت.. ولا عندما أغلقت. 
وقد ختم يوسف صديق حياته الأدبية بهذه الأ ت الرائعة 
التى يحاور فيها الزمان ويصارعه ويقول: 
ختام تخدع يازمان وأخدع 
وأرى سرابا فى القفار وأتبع 
عودتنى صبر الرسول على الأذى 
علمتنى أن الحياة توجمع 
أبنسى فتهدم يازمان معاقلى 
وأجدد البنيان ثم تضعضصسع 
لا أنت تخضع يا زمان لهمتى 
أبداً..ولا أنا للتوائب أخضع 


نذا 


رحل البطل ونعته جريدة الأخبار فى يوم 1975/4/7 بهذه 
الكلمات تحت عنوان: فصر تشيخ جنازة يوسف صديق.. 

«شيعت مصر ظهر أمس ابنا من أبنائها الأحرار المرحوم 
27 صديق عضو مجلس قيادة الثورة. . 

سارت الجنازة من ميدان التحرير إلى جامع جركس. لف 
جثمان الفقيد بعلم جمهورية مصر العربية ووضع على عربة مدفع. 

سارت فى مقدمة الجنازة موسيقات الجيش فى مجموعات 
رمزية من ضباط الجيش وطلبة الكلية الحربية ثم أكاليل الزهور 
من رئيس الجمهورية ومختلف أسلحة القوات المسلحة وأمانة 
الاتحاد الاشتراكى. 

وتقدم المشيعين الفريق سعيد الماحى كبير الياوران مندوباً 
عن الرئيس محمد أنور السادات والرئيس السابق محمد نجيب 
وحسين الشافعى نائب رئيس الجمهورية وأعضاء مجلس قيادة 
الثورة الذين على قيد الحياة والمهندس سيد مرعى رئيس مجلس 
الشعب والدكتور عبد العزيز حجازى رئيس الوزراء والدكتور 
محمد حافظ غانم أمين الاتحاد الاشتراكى وعدد من الوزراء 
والضباط الأحرار. 

وسارت الجنازة وسط الآلاف من أيناء الشعب الذين اصطفوا 


ا 2 


على جانبى طريق الجنازة وفى ميدان التحرير وميدان طلعت 
حرب وحتى جامع جركس. وتم نقل جثمان الفقيد الكريم إلى 
مداقن الأسرة بالبساتين.» 

جريدة الاخبار /١‏ ؛ /ه/91١‏ 


نانالا 


16 


الباب الرابع 
بعد الرحيل 


الفصل الأول 


أ شخصيات فى حياة البطل 


لالالا 
الفصل الثانى 
شائعات حول البطل 


يوسف صديق ومحمد نجيب 


كان «محمد نجيب» جار (يوسف صديق» وهذه الجيرة قد 
ولدت بينهما الصداقة والصحبة الطيبة كما أنه كان بينهم تشابه 
فى صفات الجيش العسكرية فقد كان محمد نجيب أكبر الضباط 
الأحرار سنا وأعلاهم رتبة فى صفوف الضباط الأحرار وكان يليه 
مباشرة يوسف صديق من حيث السن والرتبة فكان الأقرب إليه 
أيضا عسكريا.. 

ونلمح هذا التقارب والود فى الاستقالة التى قدمها يوسف 
صديق لنجيب والتى تضمنت كما ذكرنا من قبل كلمات تدل 
على مدى الود الحاصل بينهنا. وأيضاً نلمحه فى الخطاب 
الذى أرسله «يوسف صديق» بعد استقالته لمحمد نجيب متضمنا 
المقترحات التى يراها من وجهة نظره مساعدة للخروج من الأزمة 
التى فيها البلاد.. 


وقد كان «يوسف صديق» يقول عن محمد نجيب مدافعا عنه 


/ا1 


أمام هؤلاء الذين يريدون التقليل من شأن نجيب ودوره فى الثورة: 

«والذين ينكرون دور اللواء «محمد نجيب» فى حركة الضياط 
امي اي عاصيي ع جم 
الأحرار لا يزال سريا» ولم يكن نجيب نذلا ولا ناكرا للجميل 
فك كان محرد تقي قل موك ران معنا علي خرن قاد ادر 
من الضباط الأحرار فقد أشاد بدور «يوسف صديق» فى الثورة 
واقتحامه مقر القيادة العامة للجيش بفرقته الصغيرة الاحتياطية 
وأشاد بشخصيته النزيهة الحرة ولم ينسب فضله وتاريخه فى 
ثورة يوليو إلى أشخاص آخرين كما فعل البعض ! 

وأيضاً مما ذكره فى حق يوسف صديق فى مذكراته «كلمتى 
للتاريخ:. 

«وكان حديث يوسف يستهوينى فى المجلس لأنه شاعر يملك 
زمام اللغة ولا ينقصه التهاب العاطفة والحماسة ولم يكن مثل 
جمال سالم ت تتدفق ألغاظه قبل أفكاره ولكن يوسف كان يقف دائماً 
فى الأقلية لا يجد معه أصواتاً تشكل الأغلبية..» 

ويختم هذه العلاقة الصافية الرائقة «محمد نجيب» بتقدمه 
الشهد وحضور جنازة البطل يوسف صديق ليكون فى الصفوف 
الأولى من المشيعين للجنازة وفاءً منه للصديق والبطل يوسف صديق. 


يوسف صديق وجمال عبد الناصر 


الواقف أمام العلاقة بين يوسف صديق لاس يحتار 
كثيراً ولا يستطيع أن يحددها أو أن يضع لها شكلًا معينّاء ففى 
الخلاف السياسى نرى عبد الناصر ينفى صديق ثم بعد ذلك 
يعتقله لكنه فى مرضه يسفره للعلاج بالخارج وأحيانا يطلب 
زيارته ويحدثه فى أحوال البلاد وأحيانا يهمله ولا يذكره بخير 
أو بشر وبالتالى نجد حال «يوسف صديق» معه غريبّاء فمرة 
يهجوه ومرة يمدحه ومرة يواسيه ومرة يسائده وهكذا.. 

ولعلنى اهتديت لأفضل تفسير لهذه العلاقة الغامضة بين 
صديق وعبد الناصر فى هذه الكلمات التى قالها الأستاذ «محمد 
توفيق الأزهرى» حيث يقول «كانت علاقة «يوسف صديق» بجمال 
عبدالناصر غريبة فهى من جانب يوسف صديق كانت علاقة 
بسيطة وواضحة أما من جانب جمال فلم تكن كذلك بل كانت 
معقدة إلى حد كبير وقد لعيت الطبيعة الشخصية لكل من الرجلين 
دورهما فى هذا التناقض فقد كان يوسف رجلا شيط وصريحا 
لا يعرف اللف ولا الدوران ولا يستعمل أساليب الخداع والمناورة 
ولا أساليب القهر والإكراه مع زملائه ورفاق دربه وسلاحه ويرى 


هذا 


أن تلك الأساليب والوسائل لا ينبغى أن تستخدم إلا فى ساحة 
القتال وفى مواجهة أعداء الوطن كما أنه كان يرفض اللجوء إليها 
فى العمل السياسى الوطنى الذى ينبغى أن يقوم على التمسك 
بالمبادئ سواء فى الغايات أو الوسائل مهما كانت الصعوبات أو 
العوائق. فالغايات عنده والوسائل وجهان لعملة واحدة الغاية 
عنده لاتبرر الوسيلة بل إن الغاية الشريفة تستدعى اتباع الوسائل 
الشريفة للوصول إليها وإلاا ضاع شرف الغاية فى مزالق الطريق 
وقد عبر يوسف عن هذا المنهج فى سائر مواقفه فى مجلس قيادة 
الثورة حيث تمسسك بالأساليب المبدثية فى التعبير ولم يلجأ أبدا 
إلى المناورة أو الخداع أو النفاق لأنه كان يعرف أنه يتعامل مع 
زملاء له فى الثورة وفى رفقة السلاح... 

«...وفى ذلك كله كان يوسف يختلف عن جمال اختلافا 
كبيرا فقد كان جمال بطبيعته رجل مناورات وتكتيك بل إنه 
كان أستاذاً للتكتيك العسكرى بكلية أركان حرب ومن الواضح 
أنه وظف هذه الصفة واعتمد عليها فى مختلف مراحل نشاطه 
فى بناء تنظيم الضباط الأحرار وتجئيد الضباط له برغم الاختلاف 
الشاسع بينهم فى التوجهات والمفاهيم أو برغم عدم وضوح الرؤية 
لدى معظمهم وربما أن تحقيق هذا الإنجاز كان يحتاج إلى رجل 


ذا 


من هذا النوع. واعتمد عليه فى الاحتفاظ يوحدة التنظيم والسير 
بسفيئته حتى تحققت عملية الانقلاب الثورى» وهنا أريد أن أكرر 
جملتين للأستاذ «محمد توفيق الأزهرى» أختم بهما هذا الجزء 
من علاقة يوسف صديق بجمال عبد الناصر لعلهما يكونان نقطة 
إيضاح لهذه العلاقة الغامضة وهما :من جانب يوسف كانت 
علاقة بسيطة وواضحة أما من جانب جمال فلم تكن كذلك.. ! 


يوسف صديق والسادات 


كان اللقاء الأول بين «يوسف صديق» و«أنور السادات» أثناء 
خدمة «يوسف صديق» بسيناء فى عام ١‏ فى بداية التحاق 
«يوسف صديق» بالضباط الأحرار وكما ذكرنا فقد كان «يوسف 
صديق» منذ بداية التحاقه مسئول منطقة العريش بسبب قدم 
رتبته وسنه وشخصيته بين ضباط الجيش وفى أحد الأيام ذهب 
هو ورفاقه للتعرف إلى أحد الضباط الأحرار بالمنطقة وهو «أنور 
السادات») وكان مسئول منطقة رفح ولكن «يوسف صديق» عندما 
دخل على «أنور السادات») لم يكن يتوقع أنه واحد من الضباط 
الأحرار» بل ظن أنه قد حدث خطأ ما وأنه تواصل مع الشخص 
الخطأ وهم بالرجوع وذلك على خلفية معرفته بأن «أنور السادات» 
كان أحد ضباط الحرس الحديدى - عملاء الملك - الذى يتبع 


هذا 


الملك فى كل أموره وتحت قيادته مباشرة ويقوم بنقل كل صغير 
وكبيرة فى الجيش إلى الملك. لذلك كانت مفاجأة له أن يرد 
السادات داخل صفوف الضباط الأحرار ولكن أقئعه رفاقه بأن 
واحد منهم يجب التعاون معه وامتثل يوسف صديق للنظاء 
كعادته وترك شكوكه جانبا بعد أن أخبر عبد الناصر بها ول 
يعرها عيد الناصر اهتمامه. . 

ولم تكن العلاقة بين يوسف صديق والسادات قوية أو مستمر 
بل كانت سلبية جدا أثناء الفترة التى قضاها صديق فى مجلس 
قيادة الثورة فقد كان السادات من أتباع (موافقون) لعبدالناصر 
وعبدالحكيم وعلى الرغم من ذلك فبعد وفاة عبدالناصر وقف 
يوسف صديق مساندا للسادات معنويا وقد ظهر ذلك فى خطايه 
الذى أرسله للسادات يعزيه فى وفاة عبدالناصر ويشد من أزره 
فى قيادة اليلاد.. 

لكن الغريب وغير المتوقع من السادات هو ما كتبه عن الثورة 
وتأريخه لليلة لم يحضرها من الأساس ولم يشهد مواقفها وهى 
ليلة 7 يوليو وقد اتهمه البعض بالخيانة والتهرب من هذه الليلة 
لكنه دافع عن نفسه بحجة أنه لم يعلم بالموعد لكن الأغرب أنه 
كيف يؤرخ ويكتب عن هذه الليلة فى مقالاته المنشورة فى معظم 
الصحف حينذاك ثم يتجرأ ليدون هذه الشهادة التاريخية فى 


لهذا 


كتابيه (قصة الثورة كاملة ويا ولدى هذا عمك جمال) وينسب 
فضل اقتحام مقر القيادة العامة للجيش «لعيد الحكيم عامر)» - 
الذى قد ترقى يسرعة البرق. ليكون القائد العام للجيش وقتها - 
وينسى أو يتناسى أو يزور جزءا من تاريخ مصر على حساب دور 
القدائى «ويوسف صديق؛ هو ورجاله الذين حملوا ارواحهم على 
أكفهم فى هذا اليوم لصالم «عبد الحكيم عامر»! 

1 ماذا أراد السادات بهذه الشهادة الشاذة الغريبة وترى 
هل وصل إلى ما أراد أم لا..؟! 

وفى نهاية حياة البطل «يوسف صديق» أراد السادات أن 
يكون 00 خاو إعطاء الرجل جِزءًا من حقه فقد وافق على 
طلب يوسف صديق بإرساله للح ثم وافق على إرساله إلى لندن 
للعلاج على نفقة الدولة وبعد وفاته وافق أيضا على طلبات أولاد 
«يوسف صديق» وأصدقائه من حيث تشييعه فى جنازة عسكرية 
ونشين المع فى جميع الصحف القومية وإذاعة خير الوفاة 
تليفزيونيا 58 خبر رحيل البطل «يوسف صديق».. 


يوسف صديق ومصطفى أمين 


كان «مصطفى أمين» صحفيا وسياسيا يميل إلى الاتجاه الناصرى 
فى بداية الثورة فوقف مدافعاً بقلمه عن كل آراء عبدالناصر ومعسكرة 


يدن 


وظل شاهراً قلمه على كل المعارضين ومنهم طبعا بل أولهم «يوسف 
صديق؛ ففى أحداث أزمة مارس 1584م كتب مقالا بعنوان (سلاطة) 
ساخرا من اقتراح يوسف صديق لحل الأزمة ومتهما إياه بالشيوعية 
والتخطيط للسيطرة على البلد وكان مما جاء فى المقال: 

«..فالدهشة التى يقابل بها مثل اقتراح القائمقام يوسف صديق 
الذى يجمع الشامى على المغربى والوفدى على الاشتراكى والأخ 
المسلم على الشيوعى هى دهشة الذين لم يقرأوا التاريخ الحديث ولم 
يقرأوا شيئا عن التكتيك الشيوعى..٠.‏ 

ثم ختم المقال ب «وهكذا يمكن تلخيص الموقف بأنه سلاطة 
والسلاطة أنواع سلاطة بلدى وسلاطة بالخضراوات وسلاطة طحينة 
وأخيرا سلاطة روسية».. ! 

والذى نرجوه.. أن نعرف من مسئول (صاحب سلطة) نوع 
السلاطة التى تطبخ الآن.. 
جريدة الأخبار ه7٠‏ مارس ١584‏ 

ولكن كالعادة لم تدم الصداقة بين الديكتاتور والصحفى 
فسرعان ما دب بينهما الخلاف وتم الزج بمصطفى أمين داخل 
المعتقل ذاق فيها من ويلات التعذيب ما جعله يعيد أدراجه 
ويفكر من جديد.. 


1,3 


وبالفعل يعد انقضاء حكم عبدالناصر رجع «مصطفى أمين”» 
عن ارائه الخاطئة فى «يوسف صديق» وأقر واعترف بخطأه فى 
حق «يوسف صديق» وكان هذا واضحا فى عدة مقاللات كتبها فى 
ذكرى احتفالالات ثورة 5١‏ يوليو وتحديداً 6 مقال يوم 7 يوليو 
15م ومما جاء فيه من شهادة حق «.. وكان «يوسف صديق» 
أبعد منى نظرا لأنه كان يرى من داخل مجلس الثورة الخطر 
القادم وهو خطر حكم الفرد وخطر الديكتاتورية وهو خطر لم نره 
ولم نصدقه فى تلك الأيام فقد كان القادة يؤكدون أنهم سينفذون 
البند السادس من الثورة وهو إقامة ديمقراطية حقيقية يتمتع فيها 
الشعب بكل حرياته وصدقناهم وكذبنا يوسف صديق..٠».‏ 

وهكذا اعترف مصطفى أمين بخطئه تجاه البطل «يوسف 
صديق» وإن تأخر كثيرا لكنه اعترف بخطئه وأقر ببعد رؤية 
يوسف صديق. . 

وعاد مرة أخرى ليكتب عن «يوسف صديق؛» فى عدد م8" 
مارس ١154م‏ يظهر فيه محاسنه وشجاعته وأخلاقه ومما قاله 
كختام للاعتراف : 

«كان بطلا.. يمشى كبطل ويفكر كبطل ويتكلم كبطل كانت 
قوته فى صموده وفى إيمانه بأفكاره. .». 

لالالا 


16 


الفصل الثانى 
شائعات حول البطل 


)١‏ الشائعة الأولى التى طالت البطل يوسف صديق هى نفى 
دوره التاريخى فى الثورة وإلحاقه بعبد الحكيم عامر الذى ترقى 
بسرعة البرق ليصبم القائد العام للجيش متخطيا جميع الرتب 
والجنرالات العسكريين بالجيش ولكن وقتها كانت تكفيه رتبة 
أنه (نسيب عبد الناصر) وكان السادات أكثر من عبدالناصر 
ماه ونقزياً لعامر وذلك عن طريق ادعاء أن «عبد الحكيم عامر» 
هو من تحرك وقاد اقتحام مقر القيادة العامة للجيش وأنجح 
الثورة وتجاهل دور البطل «يوسف صديق» تماما. 

وهذا التزييف التاريخى كما ذكرنا من قبل كان على يد «أنور 
السادات؛ فى مقالاته وكتبه ولكن هذه الشائعة لم تأخذ حيزا 
واسعا من الانتشار حيث إنها معلومة معلومٌ مصدرها فهو مصدر 
لم يحضر الثورة أصلا ولم يعش ضعفها وقوتها خوفها وفرحها 
يأسها وأملها فكيف له أن يؤرخ لها! 

أيضا كان من المشهور وقتها معرفة ما هو غرض السادات 
وهدفه من التمجيد والتقرب إلى عبدالناصر وعامر حتى لو على 
حساب الحقيقة. 


دنا 


") أما الشائعة الثانية فهى بكل صراحة ووضوح لا يقبلها 
عقل ولا منطق ولم أكن لأتطرق لها فى هذا الكتاب لبعدها عن 
العقل والتصديق ولولا أننى وجدتها قد أخذت حيزا من الانتشار 
- حتى وإن كان صغيرا د ري 
تكلم عنها. وهى إشاعة شرب الخمر أو بمعنى أوضح إشاعة 
أن يوسف صديق كان سكراناً وقت التحرك فى ساعة الصفر فقرأ 
عقارب الساعة بشكل خاطئ وبدأ فى التحرك قبل الموعد المحدد 
بساعة أو ساعتين لأنه قد شرب الخمر من بار فى طريقه إلى مبنى 
القيادة العامة. . 

وإنى لأسأل هنا أخى القارئ العزيز بعد كل ما قرأه فى 
هذا الكتاب عن ملامح شخصية «يوسف صديق» الذى عاب 
وأقر بخطأ الشيوعيين من حيث ظهورهم بأفكار وأوضاع تخالف 
الإبتلام كذهابهم للإلحاد وإفطارهم فى رمضان - 'والذى عنون 
فصلا كاماد فى مذكراته بعنوان رالله وحده» والذى ال كتابا عن 
الإسلام والمسلمين فى الاتحاد السوفيتى هل يعقل أن هذا الرجل 
بعد كل هذه الصفات الظاهرة من التمسك بمعالم الإسلام والعادات 
والتقاليد أن يشرب: الخير عيانا بيانا زقيل نومة خطيرة نثل هذه 
قد تكلفه حياته بأقل الأخطاء. بعد دراسة شخصية يوسف صديق 


يفن 


لم أتصور ولم أنو أصلاً ذكر هذا الموضوع لولا انتشاره بين يعض 
أفراد من مجتمعنا ولعلنى هنا أحيلكم إلى من هو أفضل منى فى 
الرد على هذه الشائعة التى لم يكن لها أى دليل واحد والتى 
ذكرها أحد الكتاب بجريدة الوفد من وحى الخيال وأفضل من 
رد عليه وفنّد له هذا الادعاء هو السيد «حسين يوسف صديق» 
بصفحة الجريدة وأيضا الضابط وعبدالمجيد شديده كشاهد عيان 
على هذه الليلة التى شارك فيها مع «يوسف صديق» وأردت أن 
أنقل لكم هذه الردود الإيضاحية كما هى والتى كانت على النحو 
الآتى : 1 
رسالة من العقيد حسين يوسف صديق 
السيد الأستاذ/ رئيس تحرير حزب الوفد 
تحية طيبة وبعد. 

نضرت جريدة الوفد بعدديها الصادرين يومى ه و" يوليو سنة 
سنة 19/10 مقالاً للأستاذ «حمدى لطفى؛ تحت عنوان «عشرون 
سنة على هزيمة يونيو والحقيقة لم تظهر بعد» وقد تضمن المقال 
تشويها للحقائق التاريخية وإساءة لوالدى المرحوم «يوسف صديق؛ 
ولدوره ليلة ”7 يوليو سنة 7كم. 

لذلك أرجو نشر ردى على صفحات جريدتكم فى المكان نقسه 


148 


وبالعناوين المناسبة التى نشر بها المقال وهو ما يعتبره القانون 
حقا كاملا لى. 

إن ما ذكره الأستاذ «حمدى لطفى» عن أن المرحوم يوسف 
صديق خرج بقواته قبل ساعة الصفر بساعتين ليلة ثورة "٠‏ يوليو 
لا أساس له من الصحة فقد ثبت من الدراسات التى اهتمت 
بأحداث تلك الليلة وآخرها الدراسة الجادة التى قام بها الضابط 
الحر جمال حماد بعنوان «؟١؟‏ يوليو أطول يوم فى تاريخ مصره . 

إن المرحوم «يوسف صديق» تحرك بقواته فى ساعة الصفر 
المبلغة له بالضبط بمعرفة ضابط اتصال قيادة تنظيم الضباط 
الأحرار النقيب/ «زغلول عبدالرحمن» فى حضور الضابط الحر/ 
«عبدالمجيد تشديد) مساعد أركان حرب الكتيبة الأولى مدافع 
ماكينة مشاة وتحركت الكتيبة بضباطها ومعها كل من النقيب 
«زغلول عبدالرحمن؛ والنقيب «عبدالمجيد شديد» فى الساعة ١١‏ 
منتصف الليل. 

أما ما ذكره الأستاذ «حمدى لطفى» عن أن سبب خروج 
المرحوم «يوسف صديق؛ قبل ساعة الصفر هو تئاول كأسين من 
الخمر هو فى حقيقته محاولة للنيل من ثورة يوليو والإساءة 
لشخص المرحوم «يوسف صديق» ولضباطه وقواته التى كانت 
تلازمه طوال تلك الليلة التاريخية. 


15 


يستمر الأستاذ «حمدى لطفى؛ فى أسلوبه لتشويه الحقائق 
فيقول «الشهيد الأول للثورة مات بسيب الخمر) ويقصد به الجندى 
الذى أصيب فى أثناء معركة احتلال رئاسة الجيش والقبض على 
كبار الضباط المجتمعين لوضع خطة لإجهاض الثورة والحقيقة 
المعروفة للجميع أن هذا الجندى كان يقوم على حراسة مكتب 
اللواء «حسين فريد» رئيس هيئة أركان حرب الجيش ورفض إلقاء 
سلاحه والابتعاد عن موقعه وظل ورا سلاحه فى وجه المرحوم 
«يوسف صديق» والقوة التى معهم ليمنعهم من اقتحام حجرة 
رئيس هيئة الأركان فلم يكن أمام المرحوم «يوسف صديق» إلا أن 
أطلق الرصاص على قدمه حتى يبعده عن الطريق دون أن يصيبه 
إصابة قاتلة لكنه مات بعد ذلك نتيجة ما ذرفه من دماء. 

وليسمح لنا قراء جريدة الوفد الأعزاء أن نضع أمامهم 
الملاحظات التالية : 

أولاً: أطلق الأستان «حمدى لطفى؛» هذه القضية سنة 1485م 
بمجلة الوادى وقمنا بالرد عليه بالمجلة نفسها بعددها الصادر 
فى أول سبتمبر سنة 1481م موضحين له خطأ ما ذهب إليه كما 
قام بالرد عليه ودحض همزاعمه الضابط الحر «عبدالمجيد شديد» 
بالمجلة نفسها بعددها الصادر أول أكتوبر سنة 87م حيث كان 
السيد عبدالمجيد شديد ملازما ليوسف صديق طوال تلك الليلة. 


نذا 


(مرفق صورة من رد السيد عبدالمجيد شديد بمجلة الوادى) 

ثانياً: هل من المعقول أن يترك يوسف صديق قواته العسكرية 
وضباطه ومنهم أعضاء فى تنظيم الضباط الأحرار وأسراه من كبار 
ضباط جيش فاروق بأحد شوارع مصر الجديدة ليذهب إلى بار 
باميرا كى يحتسى كأسين من الخمر وهو الذى كان صدره ينزف 
دما طوال تلك الليلة. وماذا كان موقف ضباط الكتيبة ؟ ألم 
يعترضوا ؟ أم ذهبوا أيضا لتناول الخمر؟ وهل ذهب الأسرى 
أيضا من كبار ضباط جيش فاروق لاحتساء الخمر؟ أم جلسوا فى 
السيارات ينتظرون اسريهم؟ 

ثالثا: هل كان الرئيس جمال عبدالناصر يخفى هذه الواقعة 
برغم اختلاف «يوسف صديق» معه منذ الأيام الأولى للثورة خلافا 
أدى إلى النقى والاعتقال. 

رابعا: لم يذكر الأستان وحمدى لطفى» هذه الواقعة إلا بعد 
وفاة «يوسف صديق» وكان الأحرى به أن يكتبها فى حياة 
«يوسف صديق» مع ملاحظة أن الرئيس عبدالناصر توفى قبل 
«يوسف صديق) بسئوات. 

خامسا: نرى لاما على الأستاذ «حمدى لطفى» حتى يثبت 
صحة قصته أن يقدم للقراء ولو شاهدا واحدا حيا يؤيد ما ذهب إليه 
ممن عاصروا أحداث تلك الليلة ومعظمهم على قيد الحياة والحمد للّه. 


1 


سادسا: أحداث تلك الليلة التاريخية تناولها كثير من 0 
والكتاب العسكريين والمدنيين شرقا وغربا يمينا ويسارا ولم يرد على 
قلم أى منهم مثل هذه القصة العجيبة. 

سابعا: أقول أخيرا لجريدة الوفد الغراء إنه من حق أى إنسان أن 
يكون له رأى فى ثورة يوليو أو فى المرحوم «يوسف صديق» ولكن ليس 
على حساب الحقيقة التى هى أقوى وأبقى من أى زيف أو بهتان إلا 
إذا كان هناك إصرار على أن يظلم «يوسف صديق» حيا وميتا برغم 
كل التضحيات التى قدمها لوطنه وشعبه. 

عقيد حسين يوسف صديق 
1م 5ة/ اموا 


انالا 


رد عبد المجيد شديد على هذه الشائحة 

أطلعت مؤخرا على العدد الصادر من مجلة الوادى فى شهر 
أغسطس ١985‏ وبه تحقيق صحفى للأستاذ «حمدى لطفى» عن 
أحداث ليلة ثورة ١٠‏ عت فيها إلى المرحوم «يوسف صديق» 
أنه شرب كأسين من البراندى قبل خروجه مع قواته من معسكر 
هايكستب وأنه توجه بعد خروجه مع القوات إلى مطعم بالميرا 


1 


حيث تناول الخمرة مرة أخرى ليتغلب على الام النزلة المعوية 
التى ألمت به بعد أن أكل بطيخ بالمعسكر ويعدما أثرت الخمر 
فيه توجه إلى مبنى القيادة العامة للقوات المسلحة هاجمها وسقط 
خلال هجومه أول قتيل فى ليلة الثورة.. إلى آخر ما جاء فى 
التحقيق ولا كنت واحدا ممن اشتركوا فى أحداث تلك الليلة مع 
المرحوم «يوسف صديق» ومجموعة ضباط مقدمة الكتيبة الأولى 
مدافع ماكينة وحيث كنت أركان حرب هذه المقدمة كما كنت 
مساعدا للمرحوم «يوسف صديق» فى تنظيم الضباط الأحرار 
فأرجوا أن اوضح امرين: 
الأول: أثنى لازفنت المرحوم «يوسف صديق» فى هذه الليلة ولم 
أره يتناول خمرا فى المعسكر أو خارجه وقد رجعت للزملاء الذين 
اشتركوا معنا فى هذه الليلة فنفوا الواقعة جملة وتفصيلا. 
والحقيقة أن «يوسف صديق» كان يعانى من نزيف حاد عندما 
التقيت به فى مصر الجديدة بعد ظهر يوم 51 يوليو 1157م لنتوجه 
معا إلى المعسكر لنخرج بقواتنا لنقوم بدورنا فى أحداث الثورة فذهبت 
معه إلى صيدلية فى ميدان سفير وقام الصيدلى بحقنه فتحسنت 
حالته وتمكن من القيام بدوره التاريخى فى ثورة "؟ يوليو. 
الثانى: يتصل بساعة الصفر وهو يقتضى التوضيح حيث 


الذنذا 


يمس خطة الثورة وقادتها وبعض ضياطها وقد أبلغنا «زغلول 
عبدالرحمن» أن ساعة الصفر هى منتصف الليل تحركنا فى الموعد 
تمامأ ومعنا «رغلول عبدالرحمن» وعندما التقينا بجمال عبدالناصر 
وعبدالحكيم عامر عند الكربة بمصر الجديدة علمنا أن ساعة الصفر 
هى الواحدة صباحا أى بعد ساعة من تحركنا وتبين للجميع أن 
هذا الخطأ فى التوقيت قد أنقذ الثورة إن أن الأمر قد انكشف 
للسراى وأن اللواء حسن فريد رئيس هيئة أركان حرب الجيش 
يعقد اجتماعا لقادة الجيش فى مكتبه بكوبرى القبة وتم الاتفاق 
على أن تقوم قواتنا برئاسة «يوسف صديق» بالهجوم على رئاسة 
الجيش والاستيلاء عليها واعتقال القيادات التى تحضر الاجتماع. 
وبالنسبة لباقى التحقيق الصحفى فهناك الكثير من الملاحظات 
على ما جاء به ولا محل لذكرها فى هذا المجاك.. 
سيدق .. 
أرجو أن تتسع صفحات الوادى الغراء لنشر هذا الإيضاح الذى 
يمس قائدى وأخى يوسف منصور صديق حيث هو بين يدى الله 
سبحانه وتعالى ولا يستطيع رداً أو توضيحا. 
عبدالمجيد شديد 
ما 


1 


بعد اتمامى لهذا العمل الذى أسأل الله أن يكون فى ميزان 
حسناتى من باب الدفاع عن مظلوم وإعطاء كل ذى حق حقه 
وإظهار لحقائق قد تكون غائبة أو مغيبة وبعد هذا التوضيح الذى 
ذكرته كرد لإشاعة شرب الخمر من خلال خطاب العقيد حسين 
يوسف صديق والضابط عبد المجيد شديد يشرفنى أن أكون واحدا 
ممن يحاولون نصرة «ايوسف» صديق كينا 
حتى لا يكون الرجل ظلم حياً وميتاً! 
أحمد جمال الواسطى 
يوليو 7١11‏ 
9-20 


نا 


اد الت )+ شاع فسائيق 
اطايطين م دار؟ ون متسوط) 


و زر سحي بارا مد ف جقيل 


ليان ينا ينه بويدصا ا 


هبرية 
يلاغ بوك مغر م قري ها واي ل رن م اما 


رسال من 2 بوسف صديق الس تجت 
رانيه ف الظروف الى عت يا النورن حى الأن 


اقراحه قيام وزار انثلافية من الوودٌ والإخوان 5 
برام ئاسة ٠»‏ وحيد رافنت عام 0 © العربان 2 


هت ا 0 


نذا 


ا 
ِ 
| 
! 
ل 


1251233 
10 3 0 3 
311 


1 

1 0 + 1 

10 10 
1 0 101 1 


2 
0 13 1 


تيمك 


عشرات هن 


اللواء محمد لجبب ولشيرءالمرق» 
المعقد وسباماع الذي لابعر قونك 


بوساح ديق :ان كتابقاللارسات» ا والرس , 


سيب ابس 
كتبب مندوب 1 
لت لقالا ل 
9 
غامة ون عدي المبحل 
حرجت امس تشكق فىاتجاعانك 
الى الرافات + لمن ألت؟ 
رما هى مبادئك ؟ هل انت من 
|الالخوان ؟ لم شيوس ؟ إم وفلدى؟ 
ام اشتراكى ؟ آم الت من 
زجميما ؟ وغل صحيع آنك 
أرسالتك ال الرليس لجيب بمدلا 
الق 


عؤلاء 
كتبت 


َ 


ع 
يلول ؛ 
لوو 


مداق 


داممابكل 


اث ل - 


قاروانوية 


42 5 1 1 5 ش ع3 
1 0 11 ا 3 
112 ل فك 
0 
: كن 


م0 


لق الوائ لالم ركه 
عر اننع ) رايع 


العام بلليي فى بإلميج 


جوم رئستلاه 


1 
1 
3 


0 
وَرالسِفت 


الى (( الصرى )2 


7 
ةينسلا 


واتهم اح مهددين إيلة قالوا علمة لل 


عاليا 


2 58 11 
اع 1 00 0 3 


مسوغالكواليت 
تامتك ١‏ 0 


فيه وشى ر اخواليرانشتراي 
البتية على ص )5 


ل 


8 


رتساغ عيد 
در ابوه 0 


م < بيذ إفرذك 
الصّراى١‏ 
2 
أن عر التسبفك رار 
0 1 
الور ره 


0 
9 14 ا 


5 0 
111 ا 
0 00 


0 


مس] 
ستقارره ١أطلارل‏ 


ساد 1943 
2 8 
كجاسرية 
ولقصصي لى تدريس كريغ السكري وجل عل 


إليد 


9 


ا رمشترع لى جتلاج للد ضبان هو 
121 امية ؟5ؤؤ اللى 


3 
035 
1 
ل 
ركان 


بش ففم 
عشيرا فى سطس القورم ربقسد ظلك 


11 
ا 
00 0 


'بشىا' إل '. 


انوا لي عر 


3 0 3 
1 0 0 


0 1 


كانت على رمر ١د‏ كرفوصرالم]لة 


3 ا 


حدديث الركيس جنال هد النامر رئيس الجديوم سه 
معد ذوء مورجأن دئد وب الصئد أى تببس الا ئجليزية 
يزنيو سنة 1131 
س : يقال د انيد وين نورجان ؟ 
لقد كانت ليلة ثيرة دون شك ٠‏ ذ ٠ه‏ ولابك أن ذكواتبا معش زننا طولائيل اسشطيع 
أن تمرف الخطيط الرفيسية فى سير الاحداث تلك الليك 7 
ج : وتال الرئيسجمال غبد التأصر ؛ 
فى تحو الساءة العاغرة بن بماء ؟؟ يوليو جا؛ الى بيتى ضايط من خباط المغابرات وشو 
عن جماعتنا وأن كنأ لم تخطره با اعنزبنا القيام به . لتحذ يرى بآن القسرقد تمر اليه 
نهأ استمد! د الشباط الاحرار للتحرك وأنه قد اتصل برئيس | ركاتحرب الجيش الدى افا 
الى عقد !جتماع عا جل فى الساعه الساديه عغرظاتنال الاجرانات ندنا ٠‏ 


وكان لامد من اتخاف ثرار فورى ‏ لو أننا تركنا كل شى؛ لبتم لى ساعة الصثر اليغق 
عليها وهى الواحده صبأها ‏ نقد يد ركرنا قبل أن ثد ركهم وين ناحية أخرى كانت الأ يمر 
قد وزعت وكان من أسعب الانور الاتصال يكل من له صله بالبيضوم ٠‏ 


تسهون د قيكه ؛ 

وائضم اليئا ضابط المخابرات وغرجت مو عد الحكير عامر لنجيع بمضااقيات من تكسناتك 
العباسيه وصلنا بتأخرين نقد وجدنا أن البوئيسالجوى قد أثلق الثكئات نهيئا الى 
نكنات الفرسان رالصفحات فوجد نا أيضا أنبم سبقوئا وكأ نا لبوئيسالحوى بحيركل اليداخل 

مد! للحطات أن خطتنا كلبا لى خطر ‏ ولم ييقى على ماعة العثر ألا تسفون ديل . 
هدا أن خلة الثورة كلبا تدخل فى مرحلة من تلك المراحل الخطيرتى التاريخ هند ا 
تتدخل وى أكبر بنا لتوجيه الاحداث ٠٠٠٠٠١‏ ولقد كد لن هن مطورات الاو أن عناية 

0000 _ 


3ك 


5 

الل كانت ثلك الليله فع! * 

طابور من الجلود 1 

نقد أنطاكا لنثوجه الى كنك ألماطة كمل أخبر - رتت أميويمياتى الأستن السفيرة . 

رمعى هد الحكيم فاسسر ‏ وفى طريتنا التقينا طبور من الجثود قادمين فى نفس الطريسق 

تحت الطلام ‏ ولُخرجنا الجنود من السيارة وألقوا القخرعليدا ‏ لكن الجتوى كاترااقى 

الحقيقة من قوات الثيرة ‏ وكانسوا ينهذ ون أوامرى بالقاة القبخهلى كل مايط فوق رتبه القاتتقام 

دون متافشة ‏ ولم يكن الجنود معرقون من أكون تتجلفلوا كل كلاش لبد ة فرين ارق 

تقريها كل دقياة مشها أثين ما يكون ‏ ولم تصد ر الاوأسرغورا باطلاق سراحى وبراج نهد الحكيم 

عاسس الا حين تقدم اليكبائر يهسافصد بق فائد المجموفة وأحد زملائى المقريين ليمش لسسع 

سن الفجه قولم أمفن ليؤية أُخد لى عياتى كنا سمدت حين أت وساف مد يقل سيرع 

من الظلام فق تهرك قبل الوقك المحدد له وكان ينتظر حتى تحل سلدة امسو البدياسة 

عسوا الييسيم * 

وانشمينا الى الطلبور وقررت ألا تنتطسر واتجهنا زرا الى القياد 1 وكانت توأنتا لا تزيل فسر 

لوة سريب-ة ب لكن عتصسر النفجأة كان فى جاليسا * 

أكتحمنسا سبنى القيادة :1 

لقد اتلنا فى الطريق عدد! من فأن 2 الجيشى الذين كانوا يحضزون الاجشماعفى القياوة 

لتوجيه الدية قدتا؛ 

وحد ثت مقاودة لصيوة دان انقياك ث, اتعمنا مبنى القياى #نفسه ووجدئا رليسشملة اران هرب 

وكان غلى رأ المائدة يضع مع مساعدية خاة الاجرا"ات التى ستتخد قد الفباط الأخسروار 
رتبهنا عليه م جبسمعا ٠‏ 


عدن * 0ن 98 


ذا 


نى الساءة الثالثة صياحا ‏ ألعقت ددن اليجنوده (بجييط الغباط الذ من كارا قد +0:*] قبل للها 
حد: أيام العو من جديد ) لكن التقا كهم هذه ألمرة كان فى حجرة الا جتباعات بالتياده 
الما مه بأوندت من يجرغ بالليا* مخيد نجيب الذى كنا قد تأتحنا غلبا بيرسين 
لى احتبال اتشساءه اليتا ال! باتجحت الصاولة. رلم يكن ثد أطلهناه على أحداث الليسة 
لكن تهين لنا أنه كان له علم سايق بأحدث « 

تقد أعسل به وزي رألد أخليه تليفوئيا ‏ الاسكند بيه ليل ذ لك بنصف سأغة ليعتهز شه 
عا يجرى وأمكته أن يجييد بأئه لاملم له بقى؟ درن أن يكون كاذبا إن كلذية 6 


1 


فكرة! 
9 
مرت الاحتفالات باعياد لورة 5 
يوليو : ونيا ونحن نتحدث من 
ابطال هلم الثورة الم واحد هن 
إبطاليا ظلمناء حيما وبيجِب أن 
تلعنه ميثاء وهوالتائم مقام بوسف 
مديق وقد آنيت كشبود الثورة يوم 
مولدها أنه ثولا تحرنه الكتيبة التى 
كان يقويها رسف 


غادة ا ونوا انه اليس علي 
النادة الججبين ف القيابة 
وامتولى عايه؟ + 'ولا ذلك لنشل» 
التورة وزج بعجيع قوادعا ا 
السحجوثن . 

وات ابهشا من تلهادة شبرد 


تجا دقان عن الدبموقرا افيد وحق| 
الشمب ل اث 
ولد ِل راضيا أن يخرج من في 


الحريى »6 وان ين 
السن ابثازه روه و1 وزوجته 0-1 
منضلا هذا الهوان سس تر 
ف العجم التردى الذلى 

1 


م آنه متب فى 117 مساوس 
منة ١961‏ كتابا اتى اللواء 


والاخوان الليوث و 

والشيوهيرن +4 بكرف و ا 

انتشسابات اليرلان » ميم 
اس هله الوزارة الدكتور وهيد 


1 و ليم 
مدي بعد سي عر الثورة 4 


واذعر انه [أرلى ل مكتبسى وسلمتى 
ور لي مكراقة وما اذال 
احتنق يها آلى اليوم - 

أحته أن مح خق يوضسك مدب 
اللى تمرض هن وآمرته ولوجتةه 


كل انواع البهيدلة أن ثلعملة 
ونهق ع على آحد كوازع 
القاهرة » 3 على اجد مسوارة 


بن اندينا الشمجاهة 
8 ار 3 الليثاه مم 


معطقى أمن 


فكرة! 


ان اال 0 ير 
[أديمر الراطية وكلن هو ٠‏ 
وكلت إنا علي خطا ٠‏ وكان : 


١‏ 0 7 لا يتحمله 
8 افا 2 

القوة اللمكلفة بالاسكيلاة ياي 

الجنشس إل اللمة والقدخر 

الكاداة 0 له اجيم 

للخمرك ولم يحترم فو هذا الموعر 
ك الدل ساعه من ساعة ١‏ 

ل البعضش 7 سيؤدى 

1 اللورة وأثبتث ا 3 

ذلك ان جر هذا هو الذى انقذ 


١ وقيل انه شيوعى ولهذا‎ ٠ 
1 3 من مجلس‎ 
2 دك الثورة‎ 


لجهات وكان شريفا 0 
3-6 لل خصو 
رن 


وإفينا رلسه 
تعرض لأزمات 


قفه الى ان ملت 
ب حلى جاء ولت 


لا بيجد به لمن الداد رم وم 
فمد يدء للسلطات 
زيتوسل ويطلب 1 


سل ل ذلك واس ديل ان بعت 
اللورة 0 كل رجلا ملواشنا 


ال الورا 
د 

الآن” ا اننى فعلت 
كان بطلا بعلي ويلكر 
كبطل ويتكلم كبطل كانت فونه ل 
00 دل الم بافكار» 


ب 
قال 0 أن الحل 0 


7 انوزارة 0 روسية . 
:تورك ٠‏ تاك لأقد انها سلالة يقد + 
إن من حق هذا الرجل أن نطلق 


اساسا شري ا لجل 


الذى قك الطايور الأول الدى 
القوار . وت 


مصطفى آمين 


5- 


14 


14 


البوم مر على قيمام ثورة ؟* 
إربعة واربعون هاسا. وللكورة 
اإمجساد والخماء ونخطوة اذا 
تصورنا أن الثورة لها امجاد فلط 
وليبس فيها اخطاء. وتخطيء ايضما 
اذا تصورنًا أن كلها أخطاء ولبس 
ذبها امجاد؛ يجب ان نذكر للدورة 
انها نفذت ارادة الشعب المصرى 
بالخلاص هن الملك فاروق ونذكر 
لها انهما حاريت الاستعمار لا لى 
مسر وحلها بل فى كل البلاد 
العربية وشمال افريقيا ونذكر لها 
لنها هاربت الاقطاع. 

ولكننا فى الولات نفسه يجب ان 
نسجل انها نللمت قائد الثورة 
محمد تجبب عندما انكرت دهر» 
الكبير وغندما جررته من تاريكه 
وعندما سنعت ذكر لسمه سنوات 
طويلة وعندما آلالت به فى السجين 
اكثر من عشرين سمئة. ولم يكن هذا 
ذمنا انلورة وحنها بل كان خطلؤنا 
جميها عنما تممسنا للكورة 
ودإفهنا عن هذ! الظظللم. ولأول مرة 
بدانا نكفر عن هذا الخطا عندما 
قررنا ئن ندكر اسم مهمد ' تعيب 
لال مسرم عندما بدانا مشسروع 
لنشاء متدلف مجلس الكورة فى 
الجزيرة. 

فى هزه للناسبة ايقما بجب أن 
نذكر دور بوسف صنئيق الذى كان 
احد ايطال ١”‏ يوليو تم الللناه من 
منصبه ودور عبدالمئعم أمبن ودور 
غالد حيبي الدين وان نتمسيد 
نعبداللطيف بفدادى وكمال الدين 
سين واثور المسادات وزكريا 


معبى البين وجمال سائم وصلاح 
سالم وعبدالحكيع عامر وحسين 
الشافعى وحسن ابراهيم, كل هؤلاء 
وعلى راسهم الرئيس جصسال 
هبدالتاصر وضعوا رعوسهم على 
أبديهم وهم يقودون لورة سصر 
إنتى حررت مسصر من الاهتبلال 
الاجنبى. 
ومهما كانت الاخطاء التى والعت 
والمقنائم التى ارتكبت فإنها لا يمكن 
أن تنسمينا الامجاد النى تحقدلت. 
غلطة الثورة الكبرى هى حكم 
ألفرد والديكتاتورية ونمياب حالوق 
الإنسان المصرى فقرة طويلة من 
الزمنء والحمد لله اننا بدانا نتصلح 
هذه الاخطاء. ومس هيح ان 
خطواتنا بعليئة. ولكن المهم انها 
بستمرة وان الشعب المصرى مصر 
على الحرية والديموقراطية 
الحالبالية وحافه أن يحكم نفسسه 


إنفسه, ٍ 
مصر لن تنسي فل أي رجل 


دمها وضهى من اجلها. 
وفى ميدان التغسمية متسع 


١‏ مصطفى امين 


المصادر 
-١‏ مذكرات يوسف صديق. 
؟- أوراق يوسف صديق ل د. عبدالعظيم رمضان. 
*- «يوسف صديق وجمال عبدالناصر وأنا» ل علية توفيق. 
4- يوسف صديق منقذ ثورة يوليو ل محمد الأزهرى. 
ه- مذكرات محمد نجيب «كنت رئيسا لصر»؛ و«كامتى للتاريخ». 
5- مذكرات خالد محيى الدين «الآن أتكلم). 
/ا- مذكرات عبد اللطيف بيغدادى. 
/- قصة ثورة يوليو ل أحمد حمروش. 
- ما لاتعرفه عن ثورة يوليو ل لطفى عبد القادر. 
-٠‏ أطول يوم فى تاريخ مصر ل جمال حماد. 
-١١‏ من يكتب تاريخ ثورة يوليو ل فاروق جويدة. 
؟١-‏ محاكمة ثورة يوليو ل محمد الجوادى. 
-١‏ ثورة يوليو وعقل مصر ل أحمد حمروش. 
4- ناهد والملك فاروق. 
-١‏ مصر والعروبة وثورة يوليو. 
5- ثورة يوليو والحقيقة الغائبة. 
-1١‏ مقالات وأخبار عن البطل يوسف صديق بالصحافة المصرية. 


14 


- بعض أبناء وأقارب البطل يوسف صديق. 
السيدة سهير يوسف صديق. 
_ عميد/ توفيق محمد توفيق. 

_ محاسب/ أيمن سعيد الأزهرى. 


6- بعضص أهالى قرية زاوية المصلوب مسقط رأس يوسف 
صديق. 
٠‏ - بعض مواقع الإنترنت والفيس بوك. 
لالانا 


14